الحب أو العمل الصالح

TT

تركز المسيحية على المحبة كركن للإيمان، ويركز الإسلام على العمل الصالح. انعكس ذلك في أسطورتين شعبيتين، سمعت إحداهما من جدتي، والأخرى من فاغنر. تروي الأسطورة الألمانية التي خلدها فاغنر في أوبراته الشهيرة «تانهاوزر» التركيز المسيحي على المحبة. كان الأمير تانهاوزر يشرف على الزواج لكنه وقع في حب الإلهة الوثنية فينوس، إلهة الجمال، وراح يتعبدها. كان ذلك شركا بالله. والشرك، كما في الإسلام، إثم كبير. رفضت الكنيسة أن تزوجه بخطيبته. ذهب للقس يعرض توبته ويلتمس الغفران. قال له: «إثمك من الكبائر ولا أحد غير البابا يغفره لك». فراح يزحف على ركبتيه من ألمانيا إلى روما كشأن سواه من الآثمين. قال له البابا: «إثمك هذا خطير لا يغفره إلا الرب. خذ عصاي هذه واغرسها في أرض قاحلة وتعبد وابتهل ليغفر لك. ستعلم أن الله قد غفر لك عندما تراها تورق بالخضرة». فعل ذلك ولكن عبثا فلم تورق. كانت خطيبته قد أقامت على حبه ولم تتزوج بأحد، وأدركها الموت. وقبل أن تنفث أنفاسها الأخيرة ناشدت الرب وقالت: «ما زلت على حبي لتانهاوزر، فاعف عنه يا رب العالمين». وعندما عاد من تشييع جنازتها وجد العصا مكللة بالخضرة. لقد نال الغفران بالحب.

تروي الحكاية التي سمعتها من جدتي أن لصا مجرما قتل 99 شخصا وأراد التوبة. قال له الشيخ: «كيف يغفر الله لك بعد كل ما فعلت؟ ولكن اذهب للصحراء وانصرف للعبادة واطلب الرحمة من الله. خذ هذه العصا، واغرسها في الرمل. ستعلم أن الله قد غفر لك عندما تخضر وتينع». فعل ذلك وقضى الأيام والشهور من دون نتيجة. يئس من رحمة الله وقرر العودة من حيث أتى. لكنه سمع صراخ امرأة تستنجد. هرع لمصدر الصوت فرأى رجلا يحاول اغتصابها. فكر في الأمر، لقد عاهد الله على التوبة وعدم التعرض لأحد، لكنه تحير أمام هذا المشهد، فكيف يترك هذا الرجل يغتصب هذه المرأة البريئة؟ قال لنفسه: «لقد قتلت 99 شخصا.. فليكونوا مائة شخص». هجم على الرجل وقتله وأنقذ المرأة. «اذهبي يا حرمة ولا تعودي لهذي الديرة»، قال لها وعاد لمكانه. ويا للعجب!.. وجد العصا يانعة بالأوراق والزهور. لقد غفر الله له ذنوبه.

«يا ابني خالد، عمل صالح واحد ينفع الناس يعطيك مرضاة الله ويمحو كل ذنوبك»، قالت جدتي. ويورد القرآن الكريم شتى الآيات التي تدعم قولها وتحث المسلم على «العمل الصالح».

وهناك نحو 65 آية تؤكد على دخول المؤمنين الجنة بالعمل الصالح، وهذا ما سمعته من كثير من المارقين والمارقات.. أنهم في آخر المطاف سيقومون بعمل صالح كبير يمحو كل ما ارتكبوه من آثام.