المقال الحيواني

TT

قد يقتل الإنسان حيوانا، إما بداعي الأكل، أو حتى بداعي الهواية أو التسلية، وقد يمر ذلك مرور الكرام، فهذا منطقي في أعراف البشر، لأنه مع الأسف (حكم القوي على الضعيف).

ولكن يا ويل الحيوان الضعيف لو أنه أراد أن يدافع عن نفسه، ويأخذ حقه بيده أو قدمه أو قرنه أو نابه.

فقد أقرت أسفار اليهود المقدسة عقاب الحيوان في بعض الحالات، وأولها: إذا ما تسبب الحيوان في قتل الإنسان؛ ففي سفر الخروج نص يقول: «إذا نطح ثور رجلا أو امرأة، وأفضى إلى موت النطيح، وجب رجم الثور، وحرم بيعه وأكل لحمه».

وإذا اعتدى الإنسان العاقل (بالمعاشرة) على أي (نعجة) وجب تأنيب ذلك الإنسان، وإعدام تلك النعجة وعدم بيعها أو أكل لحمها - انتهى.

وكأن تلك النعجة المسكينة المغلوبة على أمرها هي التي راودته على نفسها، مع أن أي (خروف) بالنسبة لها هو أمتع وأطلق من لحية أي إنسان.

طبعا سوف تستخلصون من أسلوبي وكلامي هذا أنني أنتصر للحيوان وأقف معه على طول الخط، وهذا صحيح (100%)، ولو أنني كنت حيوانا لرفعت عقيرتي على كل مرتفعات العالم، قائلا: ارحمونا يرحمكم الله، وأطال الله في عمرك يا (بريجيت باردو).

وقد أعجبني خبر قرأته في جريدة (الرياض السعودية)، وجاء فيه:

إنه كان هناك قطيع من القرود يعبر الطريق الجبلي بين مدينتي الطائف ومكة المكرمة، حين أتت سيارة مسرعة فدهست قردا من تلك القرود، وانطلقت السيارة في طريقها ولم تتوقف، إلا أن القرود ظلت ماكثة بالمكان منتظرة عودة تلك السيارة للانتقام من سائقها، والعجيب أنها انتظرت ثلاثة أيام بلياليها الكاملة، إلى أن عادت السيارة، فأطلق أحد القرود صرخة مدوية، ويبدو أنه عرف لون ونوع السيارة وشكل سائقها، وعلى أثرها حاصر القطيع السيارة وبدأ رشقها بالحجارة، فتحطّم كل زجاجها، وأفلت السائق من الموت بأعجوبة، فما كان من أحد الموجودين إلا أن سحب مسدسه وأطلق الرصاص، وجندل ثلاثة من القرود غير الجرحى، غير أن قردا شجاعا قذفه بحجر أصاب رأسه فقط ومسدسه، ونقلوه على وجه السرعة إلى المستشفى وهو بين الحياة والموت، يعني باختصار اعتبروا أنتم تلك المعركة (المقدسة) وكأنها بين (بشار) و(الجيش الحر) لسوريا.

على كل حال، من المعروف أن الأفيال قلما تعتدي على الإنسان إلا إذا هاجمها، ولو أن إنسانا قتل فيلا على مرأى من القطيع، فإنهم لا يتركونه لو كان لهم في ذلك سبيل، وحتى لو قطع أو نشر المعتدون أنيابه العاجيّة، فإن باقي القطيع يظل عدة أيام يتقاطر ويدور حول جثته، وكأنه يبكي عليه ويؤبنه (!!).

أحيانا أقول: يا ليتني كنت ثورا أو قردا أو فيلا، على شرط أن أظل بعيدا عن عالم هذا الإنسان المتوحش، المهم أن تكون معي بقرة حلوب، أو قردة لعوب، أو فيلة تعرف كيف ترك لي خرطومها وتهز لي ذيلها متى ما أردت.

أعرف أن أمنيتي هذه صعبة، ولكن ليس على الله مستحيل، إن لم يكن في الدنيا، فعلى الأقل لي أمل بالآخرة، والله يجزي من أحسن عملا.

[email protected]