الجمهوريون يستغلون هجوم بنغازي لتشويه صورة كلينتون

TT

يتعين على أولئك الذين يحاولون تحويل مأساة بنغازي إلى فضيحة لإدارة أوباما أن يحددوا ما هو الهدف مما يقومون به. في الواقع، أنا أشير بـ«هؤلاء» إلى الجمهوريين، وبـ«إدارة أوباما» إلى هيلاري كلينتون. وما يمكنني أن أستنتجه هو أن هذه المحاولات تهدف إلى تشويه سجل كلينتون عندما كانت وزيرة للخارجية في حال ترشحها لانتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016.

وليس من الأخلاق أن نستغل وفاة أربعة موظفين عموميين أميركيين لتشويه صورة كلينتون، ولكن قد يكون هذا مفهوما. إن محاولات تلفيق نوع من المؤامرات الشريرة على غرار قضية وايت ووتر ليس له أي معنى في حقيقة الأمر.

إن جلسة الاستماع التي عقدت يوم الأربعاء الماضي من قبل النائب داريل عيسى (وهو نائب جمهوري عن ولاية كاليفورنيا) قد ركزت على الأحداث الفوضوية التي شهدتها ليبيا في سبتمبر (أيلول) الماضي، ولكن ما الجريمة التي لا تغتفر التي ارتكبتها كلينتون في هذا الشأن؟

هل فشلت وزارة الخارجية تحت قيادة كلينتون في توفير الأمن الكافي للقنصلية الأميركية في بنغازي؟ ربما كان ذلك واضحا في وقت سابق، لكن الدبلوماسيين الثلاثة الذين أدلوا بشهاداتهم في جلسة الاستماع لم يقدموا دليلا واحدا على أن هذا الفشل ينبع من أي شيء آخر غير الحاجة إلى استخدام موارد محدودة بأكبر قدر ممكن من الكفاءة.

يتعين على الجمهوريين في مجلس النواب الذين صوتوا لقطع التمويل عن أمن وزارة الخارجية أن يفهموا أن فلسفتهم – المتمثلة في أن الحكومة الصغيرة هي دائما الأفضل – لها عواقب أيضا. صحيح أنه يجب على البيروقراطيين اتخاذ قرارات، ولكن هذه القرارات قد تكون خاطئة في بعض الأحيان.

هل من المفترض أن تتمثل الفضيحة في أن فريق القوات الخاصة المكون من أربعة رجال لم يتم إرساله من طرابلس للمساعدة في الدفاع عن القنصلية في بنغازي؟ هذا هو القرار الذي لا يزال يلازم، بل ويغضب، غريغوري هيكس، وهو النائب السابق لرئيس البعثة الدبلوماسية في ليبيا، الذي كان يجلس بلا حول ولا قوة في العاصمة الليبية، في الوقت الذي قتل فيه السفير كريستوفر ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين في القنصلية على بعد 650 ميلا.

ولكن قرار عدم إرسال قوات قد اتخذ من قبل القيادة العسكرية، وليس من كلينتون أو أي شخص تحت قيادتها. لقد قرر الضباط أن هناك حاجة لهذا الفريق للمساعدة في إجلاء السفارة في طرابلس، والذي كان ينظر إليها باعتبارها هدفا محتملا لهجوم آخر على غرار ما حدث في بنغازي.

وخلصت وزارة الدفاع الأميركية إلى أن الفريق، على أي حال، لم يكن بإمكانه الوصول إلى بنغازي في وقت يمكنه من إحداث أي تغيير. وقال هيكس في شهادته إنه لا يتفق مع ذلك. من الصعب أن لا نشعر بالألم الذي يشعر به هيكس، ولكن من الصعب أيضا أن نعتقد أنه يعرف أكثر من المتخصصين في ما يتعلق بنشر القوات.

قد تكمن المشكلة في أن مسؤولي الإدارة، لسبب ما يتعذر فهمه، قد كذبوا عمدا عندما قالوا، إن الهجوم جاء كرد فعل على مقطع فيديو معاد للإسلام تم إنتاجه في الولايات المتحدة ونشره على شبكة الإنترنت.

في الواقع، تكمن المشكلة في وجود مظاهرات صاخبة معادية للولايات المتحدة في عدد من المدن في جميع أنحاء العالم الإسلامي بسبب مقطع الفيديو. وعلى الفور، وصف الرئيس أوباما الاعتداء بأنه عمل إرهابي – تماما كما تعلم ميت رومني في المناظرة الرئاسية الثانية – ولكن كان من الصعب أن نتصور أن الهجوم لم يكن له أي علاقة بما كان يحدث في القاهرة وتونس والخرطوم وجاكرتا.

وكانت إدارة أوباما حريصة على أن توضح، كما حاول جورج بوش القيام بذلك في الكثير من المرات، أن الولايات المتحدة لا تخوض حربا ضد الإسلام، ولكن الإدارة لم تدرك سريعا أن الاضطراب الذي نتج عن هذا الفيديو كان بمثابة لحظة مواتية ومناسبة لشن هجوم إرهابي منظم ومعد جيدا باستخدام أسلحة ثقيلة. كان هذا خطأ بالطبع، ولكن ليس هناك أي معنى لنعتقد أن هذه كانت محاولة متعمدة للخداع، وإلا فما هو الدافع وراء ذلك؟ هل الدافع هو التغطية على الحقائق والتسبب في أكبر قدر من الإحراج للإدارة بمجرد اكتشاف الحقيقة في نهاية المطاف؟

قد يكون الأمر عبارة عن عملية تستر، فقد تآمرت الإدارة لإخفاء فشل كلينتون في حماية الدبلوماسيين الأميركيين بالخارج، ولكنها طالبت بكتابة تقرير مستقل من قبل السفير السابق توماس بيكيرنغ والذي نقل فيه عن النائب مايك روجرز (نائب جمهوري عن ولاية ميتشغان) ورئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب قوله: «يبدو أن تقرير بيكيرنغ قد أوضح ما نعرفه بالفعل، وهو أنه كان هناك تحذير استراتيجي من الاستخبارات بوجود خطر أمني في بنغازي وأن دبلوماسيينا لم يحصلوا على المساعدة والدعم بسبب البيروقراطية الموجودة في وزارة الخارجية».

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: «هل تمت معاقبة هيكس لأنه تحدث عن وجود مخالفات عندما تم استجوابه؟ لقد طلب منه أن يعود للوطن، لأسباب مفهومة، قبل أن تحيله الوزارة إلى وظيفة مكتبية – بنفس الراتب ونفس الدرجة الوظيفية؟ هل تم تكميم فمه؟ أعتقد أنه من الصعب حدوث ذلك، كما يتضح من شهادته يوم الأربعاء الماضي.

كل ما أرجوه هو أن تؤدي حيل عيسى إلى تحسين أحوال الأمن لدبلوماسيينا الشجعان، فحتى أرخص الحيل السياسية قد يكون لها فائدة!»

* خدمة «واشنطن بوست»