الاحتلال الوطني

TT

يتساءل القارئ الفاضل عيسى سعدون تعليقا على ما كتبته في «حوار الأموات».. هل كنت أقصد رئيس الحكومة المصرية محمد مرسي في إشارتي إلى الكاهن الفرعوني كمرسي، وإلى الرئيس أوباما في إشارتي إلى الإلهة الفرعونية كوباما؟ آسف يا عزيزي القارئ الفاضل. الكاتب يكتب وللقارئ أن يفسر على مزاجه.

ولكنني بعيدا عن ذلك لاحظت فيضا من رسائل القراء تنعى مصير الأمة العربية. وقد أصبح أكثرهم يترحمون على أيام حسني مبارك. كان منهم الأخ فؤاد محمد، الذي كتب إلينا من مصر يشير إلى تدهور أحوالنا عموما منذ خروج الاستعمار من ديارنا. فيقول: بدلا من الاحتلال الأجنبي حصلنا اليوم على الاحتلال الوطني.. الحكام الوطنيين العاجزين.

ومن مصر أيضا، ذكر محمد أحمد أن 6 ملايين مصري قد سجلوا أسماءهم للهجرة. وأضاف أن كثيرا من الشبان المصريين أخذوا يتسابقون على الزواج بالعجائز الأوروبيات، ليتمكنوا من الهجرة إلى بلادهن. يا سيدي، أنا لي معرفة شخصية بإحدى هذه العجائز الإنجليزيات تزوجت بشاب مصري فجاءت به في معيتها كجزء من عفشها. وما إن استقر به الحال في لندن حتى تفجرت المشكلات في حياتهما، وعبثا حاولت الإصلاح بينهما.

ويواصل من فرنسا السيد عبد الستار عبد الله هذا الحديث الأليم، فيقول إن هذه الأحوال المزرية لم تعد كما هي، بل نراها تتدهور من يوم إلى يوم إلى ما هو أسوأ فأسوأ. وبالطبع يساهم في خلق هذه الأحوال المتردية الإرهابيون من بيننا. وهنا يعبر القارئ الفاضل أحمد عبد العزيز، فيتساءل من الولايات المتحدة قائلا: كيف ينتظر هؤلاء القتلة أن يدخلوا الجنة وينعموا بالحوريات بمجرد قتل إخوانهم من أبناء وطنهم؟! يا سيدي، أمر هؤلاء الإرهابيين يحيرني. لا أدري كيف يفسرون أعمالهم الشريرة بأنها ترمي للحصول على مرضاة الله.

السيد الفاضل حسان التميمي يطرح علينا هذا الموضوع من المملكة العربية السعودية، فيقول إنه لم يبق غير أحد حلين؛ إما أن الرضوخ لحكم ديكتاتوري يضمن الأمن، أو تُسلم الأمور لوصاية أجنبية تتولى شؤون الناس وتأخذ ما تشاء.

هذا رأي يا سيدي التميمي أصبح واردا تماما بين القريب والغريب. أصبحت أسمعه في لندن حتى بين الإنجليز من عشاق الديمقراطية. يقولون: هذه الوصفة لا تنفع معكم. عودوا للحكم السلطوي، ويساعدكم الله عليه. ولعل بعض القراء يتذكر ما سبق لي مرارا أن روجت له، وهو أن بعض بلدان العالم الثالث ما زالت غير مؤهلة لحكم نفسها بنفسها، ومن الأفضل لها أن تعتمد على من يدبر لها أمورها بالوصاية. شتمني البعض، ولقبني بداعية الاستعمار. ولكن يظهر أنني لم أعد صوتا منفردا؛ يحيط بي الآن رهط كبير من دعاة الاستعمار.

ولكنني قبل أن أختم مقالي اليوم لا بد أن أتساءل: أين أنت يا فاطمة الزهراء؟ ما كنا نكتب شيئا حتى توافينا بتعليقاتك الحكيمة. ولكن صوتك غائب منذ مدة. عسى أن تكوني في خير والمانع خيرا.