استقالة بوتين وأوباما؟

TT

أعتقد جازما أن كلا من الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد استقالا من أدوار عالمية مهمة!

استقال أوباما من دوره في تحريك الأمور شرق أوسطيا وانكفأ على قائمة أولويات تبدأ بالاقتصاد الوطني الأميركي داخليا ومنطقة شرق آسيا عالميا.

واستقال بوتين من دور بلاده الأخلاقي كقوة عظمى وإحدى الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن والعضو المؤسس في النادي النووي وأحد أكبر مصدري السلاح في العالم، وأصبح قيصر الكرملين تاجر سلاح عظيما وسمسارا تجاريا بامتياز.

من هنا يصبح صعبا على عقل وقلب أي محلل عربي محايد أن يصدق أن هناك «حلا» روسيا – أميركيا للصراعات في المنطقة العربية.

هناك تفاهم يصل إلى حد التواطؤ، رغم اختلاف المواقع والمصالح بين واشنطن وموسكو، على تغليب حالة منطق البزنس على أي شيء آخر، بمعنى أن الأميركان والروس ليسوا على استعداد لاتخاذ أي موقف باهظ التكلفة أو لديه فاتورة عليهم أن يدفعوها.

سوف يراهنون على «الجنرال وقت» بمعنى دع الأمور تسوي نفسها بنفسها، وأن هذه المنطقة مشتعلة منذ أكثر من نصف قرن من الزمن، فماذا يضيرنا لو استمرت هذه الحرائق بضع سنوات أخرى؟

لا أحد على استعداد أن يدخل غرفة مفاوضات مثل الرئيس كارتر أو الرئيس كلينتون لبحث أمور فيصلية في القضية الفلسطينية.

ولا أحد يريد مثل الرؤساء ريغان أو كلينتون أو حتى جورج بوش الأب والابن لحماية القيم والمصالح الأميركية.

ولا أحد في الكرملين على استعداد أن يفعل مثل القيادة السوفياتية القديمة في دعم فيتنام أو كوبا أو أنغولا.

الجميع الآن يديرون الأمور بمنطق الآلة الحاسبة الدقيقة، إنه منطق الربح والخسارة الذي يحكم كل موقف وكل قرار وكل تصريح سياسي. «كم»؛ هذا هو السؤال الأساسي الذي يسيطر على المفاوضين في واشنطن وموسكو وهم يتصدون لأي مسألة تفصيلية مطروحة عليهم لاتخاذ قرار رئيس بخصوصها.

من هنا يجب على أي إنسان ألا أن يتفاءل بحالة التفاهم الأميركي – الروسي حول الأوضاع في سوريا ولبنان وفلسطين والعراق. إن هذه التسوية هي رؤية مؤقتة تقوم على إبعاد «الصداع السياسي» الحالي لأي تدهور سياسي في الأمور مما قد يدفع واشنطن أو موسكو لدفع أي فاتورة مكلفة. ما يدور الآن هو كيفية بيع سلاح، وتأمين نفط، وشراء أنصار، وتحييد أعداء، بأقل تكلفة ممكنة وبأسرع وقت ممكن، لتخدير جسد المنطقة لأطول فترة ممكنة؛ لأن الأولويات لموسكو وواشنطن أصبحت الآن في مناطق جيواستراتيجية أخرى. وسوف يتضح ذلك جليا في سلوك العاصمتين في مؤتمر «جنيف 2» الذي ستباع وتشترى فيه دماء شهداء سوريا وأحلام وطموحات الشعب السوري الصبور.