سقوط طاغية وانبعاث أمة

TT

(سقوط طاغية وانبعاث أمة) عنوان كتاب للصحافية اليكس كراوفورد مراسلة «سكاي نيوز» اخترته ليكون عنوان مقالتي التي تدور سطورها حول اهتمام الصحافيين والكتاب الغربيين بالثورة الليبية ودلالاتها وأبعادها والذي ظهر في إنتاجهم الذي بلغ حتى الآن نحو أربعة عشر كتابا طلبت من المكتب الصحافي بالسفارة جمعها وشراء كل مؤلف بالإنجليزية له علاقة بثورة 17 فبراير التي غيرت مسار التاريخ السياسي في البلاد منذ وقوعها في شكل انتفاضات شعبية. وهذا الرقم في عدد الكتب يدل على أهمية الثورة الليبية التي استمرت معاركها المسلحة والدامية لقرابة ثمانية شهور وحظيت باهتمام دولي كبير وكان للإعلام بكل ألوانه المركز المحوري في التأثير والاستقطاب وكتاب اليكس كراوفورد يعتبر أحد أهم تلك الكتب وهو أول كتاب - حسب متابعتي - ترجم إلى العربية من قبل دار الفرجاني وهي دار ليبية عريقة في النشر. المترجم اختار ترجمة العنوان (Colonels Gaddafi’s Hat: A Tyrant Falls and an Nation Rises) إلى (قبعة القذافي: سقوط طاغية وقيام أمة) وأنا فضلت: (سقوط طاغية وانبعاث أمة أو انبعاث شعب) الكتاب يتضمن وصفا دقيقا لما رأت وعايشت الصحافية اليكس من رعب وأهوال وآلام ودموع بعضها يخص من كانوا في جبهات وشوارع القتال من الثوار ومن كتائب القذافي، وبعضها يخص فريق «سكاي نيوز» الإعلامي والكتاب يعكس طبيعة وحقيقة مهنة المتاعب ويعكس شجاعة الصحافيين الغربيين وقدراتهم على المغامرة، وهي المؤهلات التي جعلت الإعلام الغربي في الدول الديمقراطية الأكثر مبادرة وجراءة وصدقا، والأكثر تأثيرا في الرأي العام العالمي بما في ذلك القيادات السياسية. تقول السيدة اليكس: اتصلت بي كارن ماير كبيرة المحررين في قسم الأخبار في «سكاي» لتخبرني أن مسؤولا في وزارة الخارجية الأميركية قال: إن البيت الأبيض قد شاهد الصور وهو يعيد النظر في موقفه بشأن ليبيا، لهذا السبب بالضبط أراد سكان الزاوية منا إخراج التقرير، لقد أثبت الصحافيون المهنيون الشجعان أن كلماتهم وصور عدساتهم ودقة وسرعة تقنيتهم لها قوة ساحرة في تغيير مزاج صناع القرار كما أمزجة الناس والجماهير الضاغطة على أهل السياسة ومواقفهم.

ومن الكتب الأخرى التي نشرت خلال العامين الماضيين: (انتفاضات عربية: الشعب يريد إسقاط النظام – The Arab Uprisings: The People Want the Fall of The Regime) لمراسل الـ«بي بي سي» والمحرر بها المعروف جيرمي بوون، وقد جمعتني الصدفة به عندما كنت مسافرا من لندن إلى تونس في يونيو (حزيران) 2011 هو في طريقه إلى طرابلس، وأنا في طريقي إلى تونس لزيارة عدد من عائلتي ولزيارة عدد من الجرحى، حيث كانت تونس ملاذا لمئات آلاف الليبيين الفارين من جحيم الحرب التي فرضها الطاغية عليهم. وتحدثنا عن حال الناس في طرابلس وعن كيفية التغطية الإخبارية، ومعاناتهم تحت قبضة الأمن الذي يلاحقهم في كل مكان. وفي نظرة تحليلية شاملة للوضع العربي يقول بوون: هناك بلدان أخذت سنوات، بل أجيالا للتخلص من الديكتاتوريات والحروب الأهلية، وفي البلدان العربية، حيث تحولت الانتفاضات إلى ثورات، فإن تلك البلدان العربية لن تعود إلى حالة الاستقرار والهدوء السياسي الذي فرضه الحكام الطغاة.. إن الشعوب عندما رأت تلك الأنظمة تتهاوى لم تعد تشعر بأنها ضعيفة، بل تشعر أنها قادرة على تغيير ظروف حياتها. ومن سلسلة الكتب الأخرى: «عاصفة رملية: ليبيا في زمن الثورة» (Sandstorm: Libya in the Time of the revolution) للينزي هيلسيم. و«ليبيا من المستعمرة إلى الثورة» لرونالد سان جون. و«ليبيا صعود القذافي وسقوطه» (Libya: The Rise and Fall of Gaddafi) لألسون بارغيتر.

هذه الكتب في مجموعها ومع اختلاف وجهات النظر فيها وفي تحليلاتها، تؤكد أهمية ما حدث في ليبيا ليس لليبيين فقط وهم الأساس، ولكن للعالم ودوله الكبرى المؤثرة في مجلس الأمن وفي المؤسسات الدولية الأخرى.

سقط الطاغية بعد أن دفع الشعب الليبي ثمنا كبيرا من أرواح ودماء أبنائه، وهو ثمن الانبعاث والحرية التي يتمتع بها هذا الشعب، ونشاهد مظاهرها حتى كادت تتحول إلى شبه فوضى وبرؤية متفائلة سوف تتطور هذه الحالة من الارتباك والفوضى، إلى تغليب الشرعية القانونية المؤدية إلى بناء الدولة الديمقراطية، وهي مكسب كل الوطن ومن يعيش فيه ومن يتعامل معه من شعوب ودول، وذلك المكسب آت رغم كل الصعوبات وكل التحديات، وسيتعلم الليبيون من أخطائهم ويتولون تصحيحها بأنفسهم، وتلك هي مزايا الديمقراطية.

* سفير ليبيا لدى المملكة المتحدة