تعظيم سلام إلى (رها)

TT

شاهدت واستمعت إلى قناة (BBC) البريطانية وهي تنقل خبر الشابة (رها محرق النعمي) بالوصول إلى قمة جبل (إيفرست)، وأسعدني الخبر كثيرا لعدة اعتبارات.

وبغض النظر عن أن والدها صديقي، وأنني أعرفها منذ أن كانت في المراحل الابتدائية من دراستها، ولكن فرحتي بالدرجة الأولى لأنها كانت أول سعودية وأصغر فتاة عربية تنتصر على تلك القمة العصيّة التي لم يستطع الإنسان أن يقهرها عبر العصور سوى في عام (1953).

وكون هذا التحدي والانتصار كان من ابنة مجتمع (بعضه) يخاف على بناته حتى من قيادة السيارة، فهنا تكمن العبرة، وهنا يكمن الدرس.

وما زلت أتذكرها مع زميلاتها الصغيرات في عيد ميلاد ابنتي، وهن يغنين أغنية (سعاد حسني) التي تقول فيها: البنت زي الولد - ما هيش كمالة عدد.

وفعلا أثبتت (رها) وعن جدارة أنها ليست كمالة عدد فقط، ولكنها حققت ما لم يحققه فطاحلة الرجال.

وأروع ما في الموضوع أنها أثبتت أيضا أن الرياضة والمخاطرة وقوة العزيمة، لا تقف حائلا في وجه الإنسان المثابر عن التعلم، لأنها تخرجت بتفوق في الجامعة الأميركية بالشارقة، فهي درست وعملت وانتصرت.

وللمعلومية فسبق لها أن تسلقت عدة قمم في أوروبا وروسيا وأيضا جبل (كليمانغارو) في تنزانيا بالإضافة إلى أعلى قمة في القطب الجنوبي وأعلى قمة جبل في الأرجنتين، قبل قمة إيفرست، وأكدت هي أن هدفها كان اعتلاء أعلى سبع قمم في العالم وقد تحقق لها ذلك، وأشارت إلى أنها قامت بذلك كله خلال سنة ونصف السنة، وأنها تحلم بتحقيق ذاتها وإثبات قدرتها على تحمل المصاعب بالعزم والإصرار وأنها قادرة على التحمل والصبر لأنها تعتقد أن الإنسان يستطيع الانتصار على نفسه.

وختمت كلامها قائلة: أنا لا أهتم كوني الأولى طالما أن ذلك سيلهم شخصا آخر أن يأتي ثانيا.

وليس في كلامها هذا شيء من الغرور، بقدر ما فيه شيء من الفخر، ويحق لها أن تفخر وهي ابنة الصحراء التي لم يخفها أو تقف بوجهها لا ثلوج القطب وصقيعه، ولا قمم الجبال ومخاطرها.

ولو كان لي بعد هذا العمر من أمنية، فإنني أتمنى أن أكون ثاني رجل سعودي بعد (فاروق الزومان)، وأقف رافعا يدي بعلامة النصر فوق قمة (إيفرست) - على شرط أن تحملني طائرة (هليكوبتر) - وتضعني بكل هدوء على القمة، ليلتقط أحدهم لي صورة تذكارية، لأستعرض بها في كل مجلس، ومن لا يصدقني سوف أقسم له بالله العظيم بأنني وقفت فعلا على قمة (إيفرست)، وإذا زاد بتكذيبي وإنكاره لصعودي للقمة، فلن أتورع بالحلف أمامه بالطلاق (بالثلاث الحارمات) لأنني مطمئن أنه لن يقع - فأنا صادق - ولكن يا خوفي أنني مع طائرة الهليكوبتر، وقبل أن نصل إلى القمة، قد تأخذنا عاصفة ثلجية هوجاء وتهوي بنا إلى جب سحيق في وديان الجبل السفلية.

ويا فرحة ما تمت.

[email protected]