الخيارات المتاحة للحكومة العراقية للخروج من الأزمة

TT

إن ما تردد من مبادرة تقدم بها رئيس مجلس النواب السيد أسامة النجيفي التي تتضمن ثلاث نقاط فقط، هي فكرة مختصرة لاقتراح تقدمنا به في أواخر شهر يناير (كانون الثاني) 2013 كخيار لتجاوز الأزمة السياسية المستعصية، وذلك بعد مناقشة مع أطراف سياسية مختلفة منها حكومية وأخرى معارضة (بالذات في «القائمة العراقية»). أخذت المبادرة بعين الاعتبار وجهات النظر المتباينة، وسعت لإيجاد حل يتجاوب مع مخاوف وشكوك كافة الأطراف، ولذا أشارت إلى أن يكون اختيار رئيس الوزراء الانتقالي من قبل التحالف الوطني (الشيعي)، على أن لا يكون الشخص المكلف طرفا أو خصما في العملية السياسية ويلتزم عدم ترشيح نفسه للانتخابات وكذلك الحال مع الوزراء.

أن تقبل المبادرة كصفقة متكاملة وبقرار برلماني واحد، يتضمن حل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة جديدة، مع منح حصانة لمن يتخلى من الرئاسات الثلاث من أي ملاحقة قانونية بعد تخليه عن منصبه.

على أن تكون مهمة الحكومة الانتقالية تصريف الأعمال الاعتيادية والإعداد والإشراف على إجراء الانتخابات البرلمانية حصرا، وتنتهي ولايتها بتصديق نتائج الانتخابات.

إن الشهور الأخيرة أظهرت انحياز حكومة المالكي للخيار الأول، أي الحفاظ على الأمر الراهن، ولكن سرعان ما تدهورت الأوضاع بعد أحداث الحويجة ومقتل الجنود في الأنبار، واستمرار الاعتصامات، لتدفع الأمور باتجاه المواجهة العسكرية.

كما أن انتخابات مجالس المحافظات التي تمت في أجواء من الشحن والاستقطاب الطائفي، أفرزت انقساما طائفيا حادا، يهدد بتصعيد الصدام بدلا من أن تكون الانتخابات وسيلة لحل الخلافات.

فإذا أردنا فعلا أن نحتكم إلى انتخابات برلمانية حرة ونزيهة وعادلة، فالأمر يتطلب حكومة انتقالية تتسم بالحياد والمقبولية من كافة الأطراف السياسية، وهذا ما تقترحه المبادرة.

وفيما يلي نص المبادرة كما وردت في شكلها الأصلي في يناير الماضي دون تعديل.

الوضع المأزوم حاليا أخذ يهدد استقرار البلاد وأمنها. كما أخذت بعض الأطراف المعارضة تصعد سقف مطالبها (بدعم من أطراف إقليمية) لتجعل من شخص رئيس الوزراء هدفا، وإن اختلفوا بالكثير من الأمور الأخرى.

الخيارات المتاحة هي التالية:

كسب الوقت:

العمل على كسب الوقت لحين إجراء الانتخابات البرلمانية عام 2014 وذلك بالحفاظ على الأمر الراهن، والرهان على تصدع المعارضة السنية وفشل الأطراف الشيعية (الصدريين) في توحيد جهدها مع الطرف السني المعارض. ولكن نقاط الضعف في هذا الخيار هي:

1 - حصول انفلات أمني، نتيجة استفزاز مسلح يؤدي إلى توسع دائرة الصدام المسلح، والعودة إلى المربع الأول.

2 - تصاعد الحملة الإعلامية المضادة بتحميل رئيس الوزراء مسؤولية التردي الأمني والخدمي، بما يجعل من شخصه هدفا يوحد المعارضة بمختلف أطيافها الطائفية والإثنية، وكما ستعمل هذه الأطراف عبر البرلمان وغيره من أدوات على إفشال أي محاولة للإصلاح الاقتصادي والخدمي محملين رئيس الوزراء المسؤولية، والورقة الأخيرة بيدهم هي الاستقالة من الوزارة قبيل الانتخابات بفترة وجيزة وتحميل رئيس الوزراء مسؤولية الفشل.

3 - إن انقسام البيت الشيعي سيضعف ورقة رئيس الوزراء كممثل وحام للطائفة الشيعية من التطرف السني. كما أن استمرار ممثلي المرجعية (الصافي والكربلائي) في انتقاد أداء الحكومة سيزيد من ضعفه.

4 - يستفيد الطرف الكردي المتشدد من استمرار حالة الوضع الراهن لتحقيق مزيد من التحالفات مع قيادات سنية بعثية وإسلامية.

الحسم والمواجهة:

الاستعداد لمواجهة عسكرية تحسم الموقف نهائيا اعتمادا على العوامل التالية:

1 - أن الغلبة العددية والسكانية والعسكرية، إضافة إلى الحليف الإيراني (مع الانحسار الأميركي) كفيل بحسم المعركة لصالح رئيس الحكومة، وعلى أسوأ تقدير فإن التقسيم سيفرض لصالح الشيعة، كما أن المناطق المختلطة من شيعة وسنة ستحسم لصالح الشيعة، اعتمادا على القوة الأمنية وغيرها من مصادر الدولة المالية. ولكن نقاط الضعف في هذا الخيار هي:

1 - إن مثل هذه المجازفة قد تكون لها نتائج غير محسوبة، من أهمها تفكك الجيش العراقي وتحوله إلى ميليشيات تذكرنا بالوضع السوري، مع فتح الباب واسعا لـ«القاعدة» وتوحيد كافة الأطياف العربية السنية تحت قيادة متطرفة.

2 - إن طهران غير مستعدة للتورط عسكريا في وقت هي مشغولة فيه في سوريا ومحاصرة اقتصاديا.

3 - فتح الباب واسعا للتدخل التركي العسكري باسم حماية السنة، خاصة في توفير السلاح والمعدات العسكرية للطرف السني.

4 - كما أن الغرب والولايات المتحدة، رغم عدم رغبتهم في التورط عسكريا في العراق، فإنهم سيجدون في تركيا «شرطيا» جديدا للمنطقة.

5 - إن هذا الخيار سيضع العراق أسيرا للموقف الإيراني، وما يترتب على ذلك من فقدان الحرية والاستقلال ويزيد من عزلته عربيا ودوليا.

6 - وأخيرا وليس آخرا، ليس من مصلحة أي زعيم عراقي أن يكون تاريخيا مسؤولا عن تقسيم العراق، ناهيك عن كونه شيعيا.

7 - خسارة الشيعة للعرب السنة هي الجائزة التي تتمناها قيادة كردستان.

خطوة للوراء وخطوتان للأمام:

أن يوافق التحالف الوطني على صفقة متكاملة تتمثل بالتالي:

1 - القبول باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة انتقالية برئاسة شخصية أخرى مقبولة للتحالف على أن يشترط التزامها بعدم الترشح للبرلمان أو الوزارة، ومثل هذه الوزارة ستكون مصغرة ومهنية ولمهمة محددة وهي الانتخابات.

2 - يحل البرلمان ويحدد موعد لانتخابات مبكرة، وإذا كان الوقت غير كاف يصار إلى الاتفاق على موعد مناسب للجميع.

3 - سحب كل مشاريع القوانين الخلافية بما يتعلق باستجواب رئيس الوزراء أو سحب الثقة وغيرهما.

4 - حسم قانون المحكمة الاتحادية قبل حل البرلمان لتصبح المرجع المقبول في حال أي اختلاف بعد الانتخابات المقبلة.

5 - عدم جواز مساءلة أي من الرئاسات الثلاث بعد تخليها عن منصبها.

إن مقايضة رئيس الوزراء لمنصبه بحزمة متكاملة لانتخابات مبكرة سيوفر التالي:

1 - سحب البساط من قوى التطرف السني، وكسب الاعتدال السني.. وإن أجواء التهدئة تساعد على صعود القوى المعتدلة بشكل عام وإنهاء هيمنة التطرف على الشارع السني.

2 - مثل هذا الإجراء سيرفع العتب عن رئيس الوزراء كشخص متمسك بمنصبه على حساب الحل الشامل، الأمر الذي يصب لصالحه في الانتخابات المقبلة.

3 - إن رئيس الوزراء سيواجه الانتخابات عاجلا أم آجلا. السؤال أي التوقيتين أفضل له وللآخرين؟

3 - وفي حال رفض الاقتراح من الطرف السني، سوف يعزز ذلك من وحدة الوسط الشيعي، ويرمي الكرة في ملعب المعارضة التي قد تتعرض للانقسام في مثل هذه الحال.

4 - أما إذا رفض الاقتراح من قبل رئيس الوزراء، فسيكون التحالف الشيعي في حل من التزامه مع دولة القانون، ويسعى لعقد الصفقة مع الاعتدال السني.

* رئيس «ائتلاف إرادة الأهالي» العراقي