الطيور تطير.. ونحن نتفرج

TT

بحكم أنني لست رجل اقتصاد، وإذا أردت أن أخوض في هذا المجال الشائك فمن المستحسن أن أستعين بخبير - على المسابقات التلفزيونية (الاستعانة بصديق) - ورغم أنني لا أعرف (فهد إبراهيم الدغيثر)، فضلا من أن أحظى بصداقته - مع أنني أتشرف لو أنه تسنى لي ذلك - فهو يرى باختصار أن هناك فرصا اقتصادية هائلة تضيع على المملكة العربية السعودية، في هذا الوقت المهم والمتسارع، وذلك لعدّة أسباب، من أهمها غياب النشاط المتعلق بسياحة المؤتمرات وإقامة الندوات، كما نعلم جميعنا هناك عوائق لوجستية واجتماعية تحول دون تحول مدينة كبيرة كالرياض إلى مركز لهذه الأنشطة الديناميكية، فلا معارض ولا مؤتمرات، ولا حتى حركة جوية تدعم ذلك في هذا الوقت.

الانغلاق الاجتماعي وموضوع الاختلاط وبيروقراطية التأشيرات وتدني خدمات النقل والضيافة وغيرها، مجتمعة ومنفردة، تدفع المنظمين إلى دبي بوصفها المركز الأفضل لهذه الأنشطة لذا علينا أن نختار حقيقة ما الاتجاه الذي يجب أن نتبناه؛ الاستمرار في الوضع الحالي ذي الوعاء الاقتصادي الضيق جدا، الذي يتسبب مباشرة في ضيق الوعاء الوظيفي، ولن يساعد أبدا في مواجهتنا للبطالة.. أم الانفتاح المنضبط الذي سيتسبب في ارتقاء مستوى الخدمات، وبالتالي اتساع الأنشطة وتفرعاتها وتطوير النقل الجوي وتوزيع المشاريع على المدن الأخرى وخلق الوظائف الجديدة التي نحن بأمس الحاجة إليها؟ انتهى.

منذ بداية الطفرة الأولى في منتصف السبعينات، واستحداث (الخطط الخمسية) العتيدة، عندما كان عدد سكان المملكة لا يزيدون عن ستة ملايين مواطن، ومن يومها نسي القائمون على تلك الخطط أن السكان قد تجاوزوا (20) مليون مواطن الآن، وكأني بهم ما زالوا يرسمون خططهم على ذلك النحو.

وفي ذلك الوقت لم تكن مساحة مدينة دبي تزيد عن مساحة حي (البغدادية) في جدة، وللأسف فإن البساط سحب من تحت المملكة، ولا يعود ذلك لذكاء الساحبين، بقدر ما يعود إلى غفلة وتحجر المعارضين لكل انفتاح نحو مستقبل العوالم الجديدة.

الطيور من نحونا تطير بأرزاقها ونحن غارقون في جدل قيادة المرأة للسيارة، وشرعية عملها (ككاشيرة)، وهل هو حلال أم حرام؟ وقوفنا واحترامنا لنشيد سلامنا الوطني؟!

وقد لا أبالغ إذا قلت إن الإمارات والبحرين وكذلك قطر وعمان، تحقق المكاسب على الدوام نتيجة العراقيل التي يضعها البعض لدينا في المملكة، وقد استغلتها تلك الدول أحسن استغلال ومعها الحق أن تفعل ذلك، وخذوا الإحصائيات بالأعداد المهولة من السعوديين الذين يعبرون الجسر في كل (ويك إند) إلى البحرين، خذوا عدد السياح الذين يتضاعفون كل سنة بعد أخرى للذهاب إلى دبي، وقد قاربوا المليون، وها هو مطار دبي يكاد تصل حركته إلى (60) مليون إنسان بالسنة، في حين أن بعض مطاراتنا الكبرى بعد التوسعة التي سوف تنتهي بعد سنوات سوف يصل بالكاد إلى (30) مليون.

وإنني لا أستبعد إن لم أكن على يقين أن هذه الدول الخليجية الشقيقة تتمنى من أعماق قلوبها أن يظل الحال كما هو عليه، ولماذا لا تتمنى ذلك؟! ولو أنني كنت في مكانها لتمنيت ودعوت وصلّيت، فمن هو (الأهبل) الذي لا يحوش الخير بيديه إذا ارتمى بحضنه عن طواعية؟!

اللهم اكفني (تزمت) أهلي وأصحابي، أما أعدائي فأنا كفيل بهم.

[email protected]