خيال شرير

TT

ما يربطني بحركة تمرد هو أن لي خيالا متمردا أعجز عن كبح جماحه، أتخيل أن حركة تمرد استطاعت الحصول على عشرين مليون توقيع صحيح من الشعب المصري يطلبون فيه من السلطة الحاكمة أن تجري انتخابات مبكرة. تابع معي الحدث، ذهب وفد كبير من شباب الحركة ومعهم عدد من الشاحنات تحمل ملايين الاستمارات إلى مبنى رياسة الجمهورية، قابلهم رئيس الجمهورية وقال لهم: أيها السادة، ليس أمامي سوى أن أنزل على إرادة الشعب.

وعلى الفور أصدر قرارا جمهوريا بعمل انتخابات جديدة بعد شهرين، ثارت جماعة الإخوان غير أن بعض العقلاء بينهم صرحوا بأنها فرصة العمر لكي يثبتوا للعالم أن الشعب المصري يريدهم بالفعل وأنه وقع على استمارات حركة التمرد بدافع المجاملة، وأنه سينتخب الجماعة حتما. اجتمعت أحزاب المعارضة وكان المفهوم أنهم سيقررون ترشيح مرشح واحد. بدأ الاجتماع بكلمات قصيرة وجهوا فيها الشكر لحركة تمرد على دورهم الذي لن ينساه لهم التاريخ وطلبوا منهم الابتعاد عن المشهد السياسي والتفرغ لبناء مستقبلهم. الغريب في الأمر أن شباب حركة تمرد انسحبوا في بداية الاجتماع، والأغرب أن جماعات المعارضة فشلت في اختيار مرشح واحد لأنه يحد من فرص نجاحهم، ولأن ذلك ضد الحرية والعدالة الاجتماعية وهو ما يجعله ضد العيش أيضا، يعني ضد مبادئ الثورة. قامت جماعة الإخوان بترشيح خيرت الشاطر، أما السلفيون فقاموا بترشيح خمسة من اتجاهات مختلفة. جبهة الإنقاذ رشحت الدكتور البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسى وتعهدوا جميعا بتعيين جورج إسحق نائبا للرئيس في حال نجاح أي منهم. الائتلافات الباقية رشحت إبراهيم سيد أحمد، وعبده محمد عبد الحميد، وحسين عبد الرحمن، كما رشحت السيدة ميرفت سعيد البتانوني نفسها، وإليك الجديد، رشحت نفسي مستقلا، كان لا بد لي من الاستعانة بقوة ضاربة في الشارع، ذهبت إلى السادة مشايخ ورؤساء الجماعات السلفية، قلت لهم: أيها السادة.. أنا بتاع الضحك.. أنا بتاع «مدرسة المشاغبين»، أنا قادر على إضحاك الناس بأكثر مما فعلته جماعة الإخوان.. ساندوني.. قفوا معي وأنا أتعهد أمامكم وأمام التاريخ والجغرافيا أن أسمع كلامكم وأطيع أوامركم، كل قرار سأتخذه سيمر عليكم، لن أقول كلمة واحدة بغير موافقتكم.. ساندوني تجدوا ما يسركم.. سأضع معارضيكم في السجون، رجال الإعلام المناوئون لكم سأقوم بنفيهم إلى جزيرة كاباكا. وساندوني بالفعل، ونجحت في الانتخابات، أصبحت رئيسا لمصر وكان أول قرار أصدرته هو إنشاء وزارة جديدة للفنون تولاها الأستاذ أحمد المتجهم ومعروف عنه أنه لم يشاهد مسرحية أو فيلما أو استمع إلى أغنية في حياته. أصدرت قرارا باعتبار حركة تمرد حركة محظورة وتمت محاكمة عدد كبير منهم. لم تعد السجون كافية ورفضت أميركا والاتحاد الأوروبي إقراضي فلوسا لبناء سجون جديدة غير أن أنصاري والمتحمسين لي جمعوا عدة مليارات من الجنيهات لبنائها واشترطوا شرطا واحدا هو احترام حقوق المسجونين الآدمية، اللهم اجعله خيرا.