رحمهم الله جميعا

TT

وقع بين يدي كتاب من عدة أجزاء، يحتوي على وثائق مكتوبة ومؤرخة ومشهود عليها، وهو يجمع ما لا يقل عن (2000) وثيقة، من عام (1120) إلى عام (1370) هجرية.

وكلها مبايعات أو هبات أو وصايا أو حلول لمشكلات اجتماعية، وكلها تتم بالحسنى والتراضي، وكلها تعكس في ذلك الوقت بساطة الحياة الفقيرة والأليفة للبلدة التي أنتمي إليها والواقعة في أواسط نجد، والمسماة بـ(الغاط).

ونظرا لضيق المساحة سوف أستعرض معكم وثيقتين إحداهما (إبراء ذمة)، والأخرى (وصية).

أما إبراء الذمة فجاء فيه:

أن (سلطانة بنت محمد السديري) قد وهبت نصيبها من أبيها ومن أختيها مضاوي وهيا لأخيها (أحمد بن محمد السديري)، وقبض الموهوب ما وهب له، على أن يتحمل المذكور الدين الذي على أبيه، وأن لا يتصرف بأي شيء قبل أن يوفي الغرماء ديونهم بالكامل، وذلك إبراء لذمة والده، وإذا باع ما تحت يده (بالحراج) المعلن أمام الناس، فبيعه جائز.

وبعد أن يقر كل من له حق بأنه تسلم حقه كاملا غير منقوص، عندها يحق لأحمد أن يتصرف (بالقليب) - أي البئر - تصرف الملاك بأملاكهم بلا منازع، كما أن له الحق بالانتفاع هو وأبناؤه بالثماني عشرة نخلة.

وشهد على ذلك (حمد بن عثمان) وابنه عبد الله، وكتبه (عبد العزيز بن عبد الجبار) وصلى الله على محمد وآله وصحبه.

أما الوصية، فجاء فيها:

توصي (تركية بنت علي بن سليم) وهي الحرة الرشيدة المكلفة والمشهود لها بصحة العقل والبدن والاختيار، أنها وكلت (محمد بن منيع) على بيع (مفاتلها) الكبار - أي أساورها - ورحى الطحين و(المثعوبة) - وهي إناء نحاسي - وكذلك عباءتان واحدة مزنهرة والثانية مزوية، والبقرة التي تملكها، كلها تباع وبثمنها تقام حجتان واحدة لها والثانية لوالدتها.

وأوصت بشراء مصحف يسبل لجدتها (فاطمة الخريفية) والولي على المصحف ولدها عبد الرحمن.

كما أنها قد أجرت أرضها المسماة (المطمن) في الباعجية على (رقية بنت محارب بن سويد) بثلاثة (أريل) ونص - أي بثلاثة ريالات ونصف - وفيها أربع نخلات: خضرية وصفرية وسلجا، والرابعة فحل، ومدة الإيجار (150) سنة، يبدأ من تاريخه (1272).

وشهد على ذلك (علي بن سليمان بن عيسى)، وشهد كاتبه (محمد بن منيع) الذي نقله حرفا حرفا من غير زيادة ولا نقصان، راجيا عفو مولاه العلي القدير - انتهى.

ويبدو أن السيدة (تركية) تلك قد سبقت زمانها وكانت بعيدة النظر جدا، فهي لم تؤجر أرضها مثلما أجرت مصر قناة السويس، أو مثلما أجرت الصين (هونغ كونغ)، وكل واحدة منهما قد أجرت موقعها على بريطانيا لمدة (99) سنة فقط، ولكن تركية (الذهينة) - أي الذكية - قد أجرت أرضها لمدة (150) سنة بالتمام والكمال.

وبما أن الإيجار ابتدأ عام 1272 ونحن الآن في عام (1434) هجرية، فمعنى ذلك أنه انتهى قبل (12) سنة، ولا أدري هل علم ورثة وأحفاد (تركية) بذلك؟! وهل ما زالت النخلات على قيد الحياة تؤتي أكلها؟!

رحمهم الله جميعا.

[email protected]