شيء من التصوف

TT

من أجل العلم بالشيء قرأت عن (الصوفية)، وتأكدت أن البشرية قد عرفتها منذ الإغريق ومنذ قدماء الهنود، وعندما ترجم العرب الكتب اليونانية في العهد العباسي، عرف المسلمون التصوف، وأعظم شخصية شهدها العالم الإسلامي في التصوف لا شك أنها (محيي الدين بن عربي).

ووجدت صعوبة بالغة في استيعابي لكتابه الشهير: (الفتوحات المكية)، الذي صاغه في مكة المكرمة عندما قدم من الأندلس للحج في عام 598 هجرية.

وقد افتتن هناك بجارة له، وكتب فيها يقول: «بنت عذراء، طفيلة هيفاء، تزين المحاضر، وتحير المناظر، من العابدات العالمات، السائحات الزاهدات، ساحرة الطرف، عراقية الظرف، إن أسهبت أتعبت، وإن أوجزت أعجزت، وإن أفصحت أوضحت، مسكنها جياد، وبيتها من القلب السواد، ومن الصدر الفؤاد، أشرقت بها تهامة، وفتح الروض لمجاورتها أكمامه، عليها مسحة ملك، وهمة ملك، فراعينا في صحبتها كريم ذاتها، وقلدناها من نظمنا في هذا الكتاب أحسن القلائد بلسان النسيب الرائق، وعبارات الغزل اللائق» - انتهى.

ولكي لا يساء الظن به، استدرك وسارع بكتابة هذه الأبيات الشعرية للتوضيح:

كل ما أذكره من طلل

أو ربوع أو مغانٍ كل ما

أو بروق أو رعود أو صبا

أو رياح أو جنوب أو سما

أو نساء كاعبات نهد

طالعات كشموس أو دمى

صفة قدسية علوية

أعلمت أن لصدقي قدما

فاصرف الخاطر عن ظاهرها

واطلب الباطن حتى تعلما

ومعروف أن للصوفية ولعا بالموسيقى من أجل (التسامي) مثلما يؤكدون، لهذا برز بعض المغنين المتصوفة في مصر كالشيخ سلامة حجازي، والشيخ المنيلاوي، والشيخ المسلوب.

وانعكس هذا أيضا على المجتمع في الحجاز إبان الحكم العثماني، ويذكر الرحالة (بيركهارت) عندما كان في مكة عام 1814 أن الموسيقى كانت تمارس كمهنة من قبل الشباب ليلا في بعض المقاهي، ويحضر الأعراس إناث محترفات يغنين ويرقصن، ولهن كما يقال أصوات جميلة، وهن لا ينتمين إلى الفئة الفاسقة التي ينتمي إليها بعض المغنين الراقصين الشعبيين في بعض البلدان المجاورة.

غير أن هناك بعض المبالغات من المتصوفة إلى درجة لا تمت إلى العقل بصلة.

ومما يروى أن رجلا قد شكا لأحد مشايخ المتصوفة من مصيبة حلت به، فما كان من المتصوف إلا أن ينهره قائلا: قم عني، ما وجدت أحدا أهون في عيني منك، أتشكو الله تعالى لي؟!

بل إن أحد مشايخ الصوفية المعتبرين إذا أساء له أحد، دعا عليه أن يصح الله جسمه، ويكثر رزقه، ويطيل عمره؛ إذ إنه كان يرى أن تحقيق دعوته هذه هو أشد بلاء يصيب الله به خصمه.

أما بالنسبة لي (فأقصى مناي) أن يدعو علي ذلك الشيخ بمثل هذا الدعاء الجميل، (وعِزّ طلبي) أن يستجيب الله لدعائه.

وهل هناك أروع من أن تكون صحيح البدن، كثير المال، وعمرك في عمر (لبد)؟!، وتكتمل (الرصة) أكثر لو أنه كان لديك فوق ذلك كله قطيع من الجواري الحسان، ساعتها من الممكن أن تقول وأنت مرتاح البال: دقي يا مزيكا.

[email protected]