مهلة مطلوبة!

TT

أيام قليلة وتنتهي المهلة التي قدمت من الحكومة السعودية لصالح كل المعنيين بتصحيح الأوضاع الخاطئة للعمالة الأجنبية بالبلاد، وهي مهلة تتعلق بإنهاء المخالفات الإدارية وتعديل وضع العاملين ليعملوا في مهنهم الصحيحة ولدى كفلائهم النظاميين إذا كانت المهن تسمح بذلك، وفي حالة المخالفة يتم تسفيرهم خارج البلاد.

وقد أثمرت هذه الحملة عن نتائج جد مهمة وإيجابية، منها ما له علاقة فورية ومباشرة بتوظيف أعداد كبيرة من السعوديين في فترة نوعا ما تعتبر قياسية جدا، وكذلك تم إخراج أعداد غير بسيطة من سوق العمل كانوا عالة وتكدسا عليها، وبالتالي وبهدوء تم تسفيرهم وإعادتهم لبلادهم، وطبعا تم بذل مجهود عظيم يتعلق بتصحيح الكثير من الأوضاع المخالفة، من مخالفات إدارية وتنظيمية كانت تعتبر معوقة في سوية وجود العمالة والموظفين غير السعوديين، ولكن مع قرب انقضاء هذه المهلة فيبدو جليا أنها قد لا تبدو كافية، فهذا الضغط «غير المسبوق» على الأجهزة الحكومية من إدارة الجوازات ومكاتب العمل والأجهزة والنظم الآلية الداعمة لأداء الكوادر البشرية فيها اتضح بلا شك أنه لن يجعلها قادرة على التجاوب وتلبية الطلبات العظيمة لأعداد مهولة من المراجعين، ناهيك عن وجود العشرات إن لم نقل المئات من الحالات الشاذة والغريبة والاستثنائية التي تتطلب إجراءات وقرارات إدارية غير تقليدية فتأخذ بالتالي أوقاتا إضافية.

إصلاح الأوضاع الخاطئة لملايين من العمالة الموجودة منذ سنوات طويلة جدا، والتي كانت لفترة غير بسيطة في وضع غير سوي، يتطلب وقتا غير بسيط. وقد تم إنجاز كم مهول من المخالفات، ولكن كل الخوف أن يكون الوقت سببا في حرمان كل من يستحق التصحيح بسبب ذلك الأمر، خصوصا أن هناك أوضاعا محددة لم تغطها التنظيمات الحالية وبحاجة لمعالجة خاصة، مثل زوجات المقيمين العاملات في المدارس والحاضنات والمستشفيات والمؤسسات التجارية، خصوصا أن وضعهن الإداري (حاصلات على الإقامة النظامية) سليم، ولكن تبقى مسألة السماح لهن بالعمل بشكل سليم وكامل.

السعودية بثقلها اللافت والمهم وبوضعها ومكانتها باعتبارها الاقتصاد العربي الأكبر تقوم بأكبر حملة ومهمة ومبادرة تعديل إداري عمالي في تاريخها الحديث والقديم، تشمل أعدادا غير مسبوقة من الناس في فترة زمنية محددة، وهو تحد إداري غير بسيط، تعامل معه الجميع بشكل إيجابي وسلس نال استحسان الأغلبية الساحقة من الناس على الرغم من وجود بعض الملاحظات والشكاوى والمشاكل، إلا أن التجربة تبقى بصورة عامة إيجابية لكنها بحاجة لوقت أكبر حتى يكون الحل كاملا بلا ظلم، وشاملا بلا نقص، وهذا هو المقصد الذي كان وراء المهلة التي صدرت في المقام الأول، إذ إنها جاءت التماسا وتعاطفا مع الاقتراحات التي قدمت لتصليح الوضع بشكل سوي وبشكل عادل، ولكن مع الدخول في التجربة بشكل عملي وبشكل دقيق يتضح أن الوقت هو عنصر مهم ودقيق ومطلوب لإنجاز المهمة بشكل كامل، لأنه لا بد أن العديد من الشكاوى والاقتراحات والأفكار والآراء قد قدمت خلال الفترة التي تلت المهلة الرسمية لأجل إنجاز وتصليح وإصلاح وتصحيح الأوضاع الخاطئة الموجودة، لكنها بحاجة لوقت حتى تنفذ بشكل كامل وتتم المعالجة الكاملة منعا لتفشي الفساد لإخراج الاستثناء، ومنعا لتكرار المشكلة والخطأ مستقبلا حتى لا نعود إلى نقطة الصفر مجددا وبالتالي تضيع فرصة الاستفادة من الوضع لكي ينعكس على الاقتصاد والمجتمع بشكل مفيد وإيجابي وسوي وهو المطلوب.

كل الأمل تمديد المهلة لأجل المصلحة العامة حتى يكتب لهذه التجربة الإدارية المميزة النجاح بشكل كامل وخال من الشوائب، وتتحقق الاستفادة للكل من دون ظلم أو مظلمة.