30 يونيو

TT

يفترض في ذلك اليوم إذا وصلنا إليه بسلام، أو بخسائر محتملة، أن تنزل ملايين المصريين إلى الشارع وأن يندفع حشد منهم، الله وحده يعرف عددهم، إلى قصر الاتحادية ليقوم بتسليم رئيس الجمهورية عدة ملايين الاستمارات التي وقعها المصريون طلبا لإجراء انتخابات مبكرة وهو ما ترى فيه الحكومة نهايتها. وعلى الرغم من حرص كل الأطراف على الإعلان عن موقفها السلمي وعدم اللجوء للعنف بما فيها الشرطة التي أعلنت أنها مسؤولة فقط عن حماية المنشآت والممتلكات العامة والخاصة، وموقف القوات المسلحة التي أعلنت أنه لا شأن لها بالسياسة، فإن الجميع يشعرون بأن هذا اليوم لن يمر على خير، لأنه من المستحيل على ملايين البشر الغاضبين عندما يحتشدون في الشارع في صيف القاهرة أن لا تفلت أعصاب عدة آلاف أو مئات منهم ويتحول الأمر إلى كارثة.

غير أنني ألمح رغبة عند الناس جميعا في استعجال قدوم هذا اليوم وهو ما يذكرك بالأطفال عندما يستعجلون قدوم أيام العيد. أنا شخصيا أفكر فيما شاهدته من قبل في أفلام الكوارث التي تصطدم فيها عدة قطارات بعضها ببعض بين صرخات الركاب. ولكن المصريين هم الركاب، وهذا ليس فيلما صنعته المؤثرات الخاصة. لا توجد طريقة لتلافي الصدام، سقط المنطق بعد أن تعطلت فرامل كل قطارات السياسة، وهنا بدأت أفكر بطريقة عبثية للوصول إلى حل حتى لو كان غير قابل للتحقق. لا يوجد داخل العقل أو في الطبيعة ما يحتم أن يكون شهر يونيو (حزيران) 30 يوما، كما لا يوجد في الدستور مادة تنص على ذلك، وأعتقد أن كل التزاماتنا الدولية لا تلزمنا بذلك، وبذلك يكون الحل هو إلغاء اليوم الثلاثين من يونيو وإضافته إلى شهر فبراير (شباط) وبذلك يظل عدد أيام السنة سليما بغير سوء. ما زال لدينا الوقت الكافي لأن يصدر مجلس الشورى على وجه السرعة التي تدرب عليها جيدا في الفترة الأخيرة قانونا بإلغاء يوم 30 يونيو وإضافته مكملا لشهر فبراير أو أي شهر آخر. أو حتى حذفه من الزمن. هكذا يتم حرمان جماعة تمرد من يوم فرحهم، فلا شك أنهم عندما يستيقظون ويجدون أنهم في أول يوليو (تموز) فلا بد أن يستولي عليهم الاضطراب وتخيب مخططاتهم.

شرحت فكرتي لصديق متخصص في التفكير العبثي فقال لي: الفكرة سليمة من الناحية النظرية ولكنك أغفلت عامل الوقت، من السهل أن ينتهي مجلس الشورى من عمل هذا القانون في عشر دقائق ولكن عليه أن يرسله إلى المحكمة الدستورية العليا لمراجعته، ولحراجة الموقف وضيق الوقت ستراجعه المحكمة في ثلاثة أيام وتعيده طالبة تعديلا مهما وهو أن يسري هذا الإلغاء داخل البلاد فقط أما تعاملاتنا مع الخارج فيجب الإبقاء عليها كما هي.. فينعقد المجلس على الفور ويعدله، وهو ما يعطي المعارضة الحق في أن تدفع بعدم دستوريته لأنه يميز الأجانب على المصريين.. لا أمل يا صديقي، اللي مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين يوم 30 يونيو.