هل يعكس مهرجان الفيلم السعودي مستواه؟

TT

التعليق المنتظر الذي يمكن أن يقوله المشاهد السعودي حينما يقوم بمتابعة مهرجان الفيلم السعودي في دورته الثانية على قناة «روتانا» هو «حسنا.. هذا هو إذن مستوى الأفلام السعودية! ». والحقيقة أنه لا يمكنك أن ترفض تعليقه هذا بشكل قاطع، لكنك في المقابل لا بد وأن تعقب بما تعتقد أنه يصنع صورة أكثر موازنة وموضوعية تجاه الأفلام السعودية. فالأفلام المشاركة في المهرجان هي بالفعل تعبر بشكل ما عن الحركة الفيلمية الشبابية في السعودية، لكنها ليست كل التعبير المطلوب، إذا ما قسناها بمتابعة الأفلام السعودية خلال مسيرتها منذ ثماني سنوات عبر مهرجانات حقيقية خارج المملكة.

فالذين عرفوا هذه الأفلام عبر المهرجانات تشكلت لديهم قناعة سريعة نوعا ما بأنهم لن يشاهدوا في هذا المهرجان فيلما جيدا لافتا لم يشاهدوه من قبل، باعتبار أن المخرج الذي يتعب في عمل فيلم جيد، سيتجه مباشرة نحو مهرجانات أكثر فاعلية، ولن يقوم بحرق فيلمه ومنعه من القبول في المهرجانات إذا ما عُرض بشكل عام عبر إحدى القنوات الفضائية. وباعتبار أن المهرجان أيضا يقوم بعرض أفلام انتجت من سنتين وأكثر. ولذا فيمكننا الإشادة بالمهرجان من خلال عامل التشجيع المحفز للشباب حينما يقوم باستقبال كل هذه التجارب، ثم بعرضه عددا من الأفلام الجيدة أو التي نالت جوائز مهمة كما هو فيلم «عايش» لعبد الله آل عياف حينما فاز عام 2010 بجائز أفضل فيلم قصير في مهرجان الخليج السينمائي بدورته الثالثة.

لكن الأهم من ذلك كله هو أنك ستشاهد مكامن الضعف ومعوقات التفوق الفني لدى الأفلام السعودية، حينما تتابع هذا المهرجان، فهي مشكلات مشتركة بشكل دائم ما بين أفلام المهرجان هنا وبقية الأفلام التي لم تشارك أو شاركت في مهرجانات أخرى سابقة، وبمعنى آخر هي المشكلات الأساسية الموجودة في الفيلم السعودي على كل حال.

وهذه المشكلات المتوقعة غالبا تتنوع ما بين مشكلات على مستوى المنظور كالصوت والإضاءة وزوايا التصوير وتحريك الكاميرا وتأليف الكوادر، وأداء الممثلين وعلى مستوى الرؤية الفكرية المتعلق بالنص والحوارات وطريقة السرد والمعالجة وبناء الشخصيات وتركيب المشهد بشكل عام.

سيبدو الأمر بهذه الطريقة وكأننا ننفي وجود فيلم بالمعنى الحرفي مع كل هذا الكم من المشكلات! لكن الجانب المهم ذكره وسط هذه السوداوية في الوصف، هو أن هناك عددا جيدا من الأفلام استطاع أن يتجاوز هذه الإشكاليات للدرجة التي يصنع فيها من هذه الأدوات الفيلمية المهمة عوامل نجاح وتفوق فني، لكنه للأسف لم يعرض خلال المهرجان شيئا من هذه الأفلام إلا نادرا، وهذا ما يعيدنا للبداية حينما قلنا إن المهرجان لا يعكس بطريقة حاسمة مستوى الفيلم السعودي.

في الحلقة الثالثة من المهرجان كان هناك شبه إجماع على تميز فيلم «كروة» لبدر الحمود والذي يتناول فيه قضية اجتماعية جدلية مهمة تتعلق بالبطالة ووظائف الشباب بشكل ساخر يقرب كثيرا مما عمله في فيلمه السابق «مونوبولي» للدرجة التي يعبر بها أعضاء لجنة التحكيم (الروائي عبده خال والمخرجة هناء العمير والممثل عبد الإله السناني والدكتور الكاتب فهد اليحيى) بأن الفيلم هو الأقرب «لروح السينما» وبتعبير آخر «يكاد يكون هو العمل الأول منذ انطلاق الدورة الحالية لمهرجان الفيلم السعودي الذي يصل إلى مستوى العمل السينمائي الحقيقي».

وعلى الرغم من التفرد الكبير الذي يتمتع به المخرج بدر الحمود في مجال التصوير كما هو معروف، إلا أن من يعرف أفلام بدر والطبيعة التي يقدم فيها أفلامه حينما لا يستهدف الجمهور العام من خلال الـ«يوتيوب» عبر الاستغراق في القضايا الاجتماعية سيدرك حجم الاختلاف بقدر إدراكه أن فيلم «كروة» لم ينجح إلا على مستوى الصورة، لكنه غرق مع بقية الأفلام الكثيرة في مشكلات الفيلم التي ذكرناها سابقا.