ضربات استباقية بين «تمرد» و«تجرد»!

TT

هل سيجتمع المصريون على مائدة رمضانية واحدة، أم ستفرقهم الأهداف والمشارب والصراعات التي نرجو الله أن لا تصل لإراقة الدماء في الشهر الحرام؟ العنف الدائر الآن إعلاميا ما بين «تمرد» و«تجرد» تزداد وتيرته في الشارع كلما اقتربنا من رمضان، نلمح ضربات استباقية هنا وهناك، والكل يؤكد أن معه الأغلبية. ساعة الصفر هي 30 يونيو (حزيران)، وبعدها بتسعة أيام فقط يبدأ العالم الإسلامي في استقبال الشهر الكريم، نشاهد على كل الفضائيات زيادة عدد «البروموهات» التي تعلن عن المسلسلات والبرامج الجديدة، نرى أيضا «بروموهات»، وإن شئت الدقة، مناوشات، بين فريقي «تمرد» و«تجرد» تمهيدا لبداية المعركة الفاصلة، وكلما اقتربنا من ساعة الصفر ترتفع سخونة الإيقاع، الكل يعلم أن ما يجري داخل وأمام وزارة الثقافة المصرية من مظاهرات واعتصامات ليس من أجل تغيير وزير الثقافة الجديد علاء عبد العزيز، ولو فعلها رئيس الجمهورية الآن فلن يغادر المعتصمون مبنى الوزارة، الهدف هو إزاحة محمد مرسي، ولهذا تسعى الدولة لفض الاعتصام قبل أن ينتقل إلى قطاعات أخرى أشد التهابا، ولهذا يطول أمد وزير الثقافة فهو بمثابة خط دفاع أول، لن تضحي به الدولة بسهولة، إلا لو كان الثمن هو بقاءها. الكل يلعب على المكشوف، والعنف سيصبح محتملا في كل لحظة، والغريب أن رمضان حاضر في الشارع بالقوة نفسها، وكل الاستعدادات التقليدية لاستقباله تجري على قدم وساق، محلات بيع الفوانيس تتكدس أمامها كل الأنواع؛ صينية ومحلية، أجولة المكسرات والياميش بدأت تعلن عن حضورها، باعة جائلون ينصبون من الآن خيامهم لكي يصنعوا أطنانا من الكنافة.

الكل يدرك أن 30 يونيو ليس يوما، ولكنه بداية معركة قد تطول عدة أيام بل وأسابيع، فكيف يستقبل المشاهد مسلسلات وبرامج رمضان؟! كانت الشاشة الرمضانية في العامين الماضيين في أعقاب الثورة قد تلونت بملامح ومذاق وطعم ثورات الربيع، ما بين فلول وثوار ومتحولين، والآن يعاد تشكيل الصورة؛ المشهد الضبابي من الصعب أن تترجمه إلى برنامج أو مسلسل تلفزيوني، المؤكد أن الأعمال الدرامية التي تتناول الثورة لم يعد المشاهد يتقبلها بعين محايدة، الثورات لم تأتِ للشعوب إلا بالكثير من خيبة الأمل، فكيف نرى مسلسلا في هذه اللحظات يشيد بها؟! المزاج النفسي للمشاهد يلعب دورا حيويا في استقباله للشاشة، الناس عين على الشاشة وعين على الشارع، التهديد المقبل بمحاصرة الفضائيات، خاصة تلك التي تبث إرسالها عبر مدينة الإنتاج الإعلامي في مصر، لن يثنيها شيء عن نقل ما يجري على أرض الواقع، وأغلب الفضائيات وضعت خططا بديلة لضمان استمرار البث لو تم منعهم من دخول المدينة، الخريطة الرمضانية على الفضائيات معرّضة للتغيير في أي لحظة، هل من الممكن الآن أن يمنح المشاهد نفسه كاملا لمسلسل بطولة عادل أو ليلى أو يسرا أو سلاف أو دريد أو جمال من دون أن يبحث في اللحظة نفسها بالريموت عما يجري في الشارع؟! لا أستبعد أن كثيرا من الأعمال الدرامية سوف يتم قطع إرسالها مع ورود أخبار جديدة عن المظاهرات والتراشقات، والغريب أنه بينما يحدث كل ذلك فإن الإعلام المصري الرسمي مشغول بإعداد فيلم يبثه يوم 30 يونيو عبر قنواته والفضائيات الموالية له يتناول إنجازات د. مرسي معبرا عن «تجرد»، مما سيؤدي حتما إلى قصف إعلامي وشيك من «تمرد»، لنرى الوجه الآخر للصورة؛ لا إنجازات ولا «دياولوا»، بل كلها إخفاقات في إخفاقات!