جون ستيوارت محافظ (الأقصر)

TT

سر الكوميديا «باتع» وسيفها قاطع، ففي اليوم الذي قال لنا فيه المذيع الأميركي الساخر (جون ستيوارت) حين استضافه زميله المصري باسم يوسف في (البرنامج) إن الرئيس المصري محمد مرسي قد اختاره ليكون محافظا للأقصر، وإنه من أجل ذلك أطلق لحيته قليلا ليشابه مظهر أعضاء جماعة الإخوان، قرأنا خبرا كشف فيه قياديون بالجماعة الإسلامية في مصر لـ«الشرق الأوسط» عن قيام المهندس عادل الخياط، محافظ الأقصر الجديد، والمنتمي للجماعة، بتقديم استقالته إلى الرئيس مرسي من منصبه، الذي لم يمض فيه سوى بضعة أيام.

المحافظ الجديد ينتمي للجماعة التي نفذت مجزرة شهيرة في (الأقصر) كنز الذهب الآثاري في مصر، هذه الجريمة في 1997 أدت إلى مقتل 58 سائحا، من سويسرا واليابان، وغيرهما، وعدد من المواطنين.

قرار الرئيس المصري كان مدهشا، بسبب حساسية محافظ الأقصر، وكون اقتصادها قائما على سياحة الآثار، يفد إلى الأقصر لهذا الغرض كثير من مواطني العالم، من غير العرب غالبا، وأتى القرار في اللحظة التي يعاني فيها الاقتصاد المصري، خصوصا قطاع السياحة الحساس، من فقدان الثقة، وكان الوزير النشط هشام زعزوع، في مهمة شبه مستحيلة للترويج للسياحة في مصر، ليأتي هذا التعيين محبطا له، ما دفعه إلى تقديم استقالته من حكومة قنديل، احتجاجا، رغم رفض رئيس الوزراء قبولها حتى الآن.

مفهوم أن يتم استرضاء الحلفاء في السياسة بمنصب أو نفوذ، ولا عيب في هذا في لغة السياسة، لكن الغرابة أتت في طبيعة المكان المعين فيه هذا الشخص، وفي طبيعة الشخص نفسه المنافية لثقافة واحتياجات المكان.

أظن أن الأمر ليس كما يتوهم البعض، في تحليل مؤامراتي، خطة إخوانية للإيقاع بالجماعة الإسلامية، وحرق ورقتها، حيث تفشل في تسيير شؤون السياحة في هذه المنطقة، بل هو سوء اختيار، وارتجال، يحكم كثيرا ثقافتنا العربية بشكل عام.

نحن نختار على أسس لا علاقة لها بمعايير الجودة والكفاءة، بل بمعايير الثقة بالولاء، أو الرغبة في مصلحة عابرة، ومع الوقت تفقد المناصب قيمتها، وتبتذل عناوين المواقع.

جرت العادة على أن تكون طريقة الترضية في العالم العربي بمنصب مستشار وربما سفير، وفي بعض الدول عضو مجلس شيوخ أو أعيان، وتصل رعشة الكرم والسخاء أحيانا إلى تعيين هذا الشخص أو ذاك مسؤولا عن الثقافة، وهو يعادي الثقافة، وعن الإعلام وهو يحقد على الصحافيين والصحافة.

كل المواقع السياسية والتنفيذية في الدول العربية، أو جلها، صارت جوائز ترضية وكسب ولاءات.

لم يسلم حتى الآن من هذا الكرم الخطير إلا حقول قليلة، منها الطب والبنوك.. وحتى هذه تسرب إليها غاز الفساد.

فالج لا تعالج.