محمد عساف: فتحاوي أم حمساوي؟

TT

«لقد فزنا بالأمل».

هذه الكلمة لمواطن فلسطيني من أهالي غزة، لقبه أبو خليل، عمره (65 عاما).. هي أصدق تعبير تعليقا على فوز الشاب الفلسطيني محمد عساف بلقب (أراب آيدول).

البرنامج الذي تنتجه وتبثه قناة (إم بي سي) بنسخته العربية، ظاهرة في حد ذاته، في المتابعة، أو نوعية المتسابقين.

انعكست السياسة طبعا على البرنامج.

غضب من البرنامج بعض أهل «النكد» وحجتهم: كيف تغنون وتطربون وأهالينا يُذبحون في هذا المكان الفلاني أو ذاك؟!

رغم أنه حتى لو لم توجد مذابح، سيظل موقفهم «النكدي» من دون تغيير.

الشاب الغزاوي الفلسطيني محمد عساف استحق اللقب بحسن صوته ونضج موهبته وثقته بنفسه، ثم بدعم الجمهور له، لكن فوزه وهو الآتي من قلب قطاع غزة الذي اقتطعته حركة حماس الإخوانية عن الجسد العليل أصلا للدولة الفلسطينية، كان حدثا سياسيا واجتماعيا بحد ذاته.

حركة فتح التي تحكم الضفة الغربية على خصومة مع حركة حماس التي تحكم غزة، والرئيس الشرعي للسلطة الفلسطينية محمود عباس كان ملتقطا لمغزى الحدث، فدعم الشاب عساف دعما واضحا في المحطات الأخيرة من البرنامج، وبعث له برسائل تحية، ثم لما فاز أغدق عليه بجواز خاص ولقب سفير وصلاحيات، الأمر الذي انتبه لمعناه قادة حماس، الذين كانوا يضيقون ذرعا بفن محمد عساف قبل البرنامج، على اعتبار مسؤولية حماس عن توجيه أخلاق الناس، فكان (فكري جودة) المسؤول في حكومة حماس عن الثقافة في مقدمة مستقبلي الشاب «الظاهرة» في القطاع، وهو يواجه أمواجا من الجماهير الغزاوية الفرحة بابنها.

ولم يجد القيادي الحمساوي مناصا من الترحيب به كما قال لوكالة الصحافة الفرنسية باعتباره: «مواطنا فلسطينيا حقق إنجازا مميزا في تخصصه في إطار فئته العمرية». ورغم أنه كانت تكفيه هذه التحية «الباردة» ليضمن تحفظ حركته، إلا أنه أضاف: «لدينا بعض المآخذ على البرنامج نفسه»، وختم بنصيحة «تربوية» للشاب الفنان بغناء الفن «الملتزم».

قيادي فتحاوي، هو (إبراهيم أبو النجا) عضو الهيئة القيادية العليا لحركة فتح، لم يفوِّت الفرصة السياسية بدوره، فأشار إلى أن إصرار الشعب على الاحتفال بمحمد عساف نابع من إيمانه بأن ما يغنيه عساف «ليس ماجنا وتبرجا، إنما غناؤه للوطن وللشهداء والأسرى، وللكوفية الفلسطينية، والهوية الوطنية».

كما ترون، فكل فريق سياسي يحاول صرف الطاقة الجماهيرية التي حققها هذا الفنان الناجح، في فرن سياسته وجماعته؛ حماس من خلال تصوير عساف باعتباره فنانا ملتزما على معايير حماس، وفتح باعتباره دليلا على رفض الشعب للتزمت، وحبه للفرح.

عندما تزيد شعبيتك، في أي مجال، لا تصبح ملك نفسك، بل ملك من يعجب بك، أو بما يتوهمه بك، أو هدفا لمن يريد مخاطبة الجمهور من خلالك.

عساف نجم (أراب آيدول) خبر، والمعنى أن حب الفرح شيمة الناس كلهم.