التعامل الساخر لمحكمة «روبرتس» مع مارتن لوثر كينغ

TT

اختارت محكمة «روبرتس» وسيلة ساخرة بدرجة بالغة للاحتفاء بالذكرى الخمسين التي تحل هذا الصيف لمسيرة مارتن لوثر كينغ إلى واشنطن.

في يوم الثلاثاء، اليوم قبل الأخير للمحكمة العليا في الدورة قبل حلول الذكرى نصف المئوية يوم 28 أغسطس (آب) لخطاب كينغ الذي يحمل عنوان «لديّ حلم»، أعلنت الغالبية المحافظة بالمحكمة عن حكم بأغلبية 5 إلى 4، والذي أطاح بأحد أكبر انتصارات كينغ، قانون حقوق التصويت لعام 1965. (قللت محكمة «روبرتس» من قيمة انتصار آخر من انتصارات كينغ، وهو قانون الحقوق المدنية لعام 1964، من خلال حكم بأغلبية 5 إلى 4 أصوات يوم الاثنين).

كان رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، الذي كتب مقال الرأي يوم الثلاثاء في قضية «شيلبي كاونتي في هولدر»، في سن العاشرة في عام 1965، حينما ضرب ضباط الشرطة المواطنين وأطلقوا عليهم قنابل الغاز في سيلما بولاية ألاباما، وقتما كانوا يتظاهرون من أجل الحصول على حق التصويت؛ وقد دفع ذلك الهجوم، ومسيرة كينغ التالية من سيلما إلى مونتغمري، إلى تمرير القانون نفسه الذي ألغاه روبرتس وزملاؤه يوم الثلاثاء بإعلان أن ثمة نصا رئيسا باليا.

لكن لو كان روبرتس مستعدا للانتقال من ذلك الجزء من تاريخ الحقوق المدنية، لم تكن القاضية روث بادر غينسبرغ، البالغة من العمر 80 عاما، التي كانت أستاذة قانون شابة إبان حقبة الحقوق المدنية، لتسمح لروبرتس وزملائه في الأغلبية بتجاهل حقيقة أنهم كانوا يبطلون سنوات من الجهود من الحزبين في الكونغرس صوب «تحقيق ما كان من قبل موضوع حلم: المساواة في المواطنة للجميع في دستورنا، ومنح صوت لكل ناخب في نظامنا الديمقراطي من دون النظر إلى العرق». وفي معارضتها الملفوظة بهدوء وشديدة اللهجة في الوقت نفسه التي قرأتها هيئة المحكمة، استحضرت غينسبرغ روح «الرجل العظيم الذي قاد المسيرة من سيلما إلى مونتغمري، ومن ثم طالبت بتمرير قانون حقوق التصويت... (طريق العالم الأخلاقي طويل)، لكنه (يتجه صوب العدالة)، إذا كان هناك التزام مطرد برؤية المهمة تنتقل لمرحلة الإنجاز. وقد أضر قرار اليوم بذلك الالتزام». كان من الصعب سماع صوت غينسبرغ الواهن الضعيف في القاعة. لكن معارضتها، التي شاركها فيها القضاة الليبراليون الثلاثة الآخرون، كانت بمثابة توبيخ حاد للمحافظين بسبب الفجوة الكبيرة بين تعهداتهم المتكررة بالتواضع القضائي و«الغطرسة» الواضحة في «إطاحتهم» بقانون حقوق التصويت.

يمنح التعديل الخامس عشر، الذي يضمن الحق في التصويت، الكونغرس «سلطة تفعيل هذا المقال بتشريع مناسب». استغل الكونغرس تلك السلطة مؤخرا في عام 2006، من خلال تجديد قانون حقوق التصويت عن طريق تصويت بأغلبية 390 إلى 33 في مجلس النواب و98 إلى 0 في مجلس الشيوخ؛ ووقع الرئيس الأميركي في ذلك الوقت، جورج بوش الابن، على التشريع. حافظ ذلك التجديد على ما كان بمثابة أهم نص في القانون: إخضاع الولايات التي لها تاريخ مع التمييز العنصري لمزيد من التدقيق قبل أن يصبح بإمكانها تغيير قوانين التصويت. وخلص المشرعون إلى أن «التمييز الدولي الخطير وواسع النطاق يستمر» في الولايات الجنوبية التي تغطيها متطلبات «التصريح المسبق» هذه.

غير أن روبرتس قال إنه «ليس لديه خيار» خلاف إلغاء ذلك النص - لأنه اختلف مع استنتاجات سياسة المشرعين. وقال القاضي المشرع من هيئة المحكمة «إحصاءات اليوم تشير إلى استنتاج مختلف تماما».

جرى تقديم القضية من قبل إحدى مقاطعات ولاية ألاباما، وأشار روبرتس، في ملخصه الشفهي، إلى يوم الأحد الدامي. وبرر قاضي القضاة تدخله بالاستشهاد بارتفاع نسب تسجيل ناخبين وبالإشارة إلى أن سيلما ومونتغمري الآن «خاضعتان لحكم العمد الأميركيين ذوي الأصول الأفريقية».

وكان هذا بمثابة مصدر راحة بدرجة ما لنشطاء الحقوق المدنية الواقفين على الرصيف الواقع أمام المحكمة، ممن لم يدهشهم الحكم فقط بل أيضا توقيته. «هذه هي الذكرى الخمسون للمسيرة في واشنطن»، هكذا صاح ويد هندرسون من مؤتمر القيادة الخاص بالحقوق المدنية وحقوق الإنسان. داخل القاعة، كان لدى القضاة فتور في آخر الجلسة بدا متناقضا مع أهمية اللحظة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن غينسبري كانت صلبة كالفولاذ، إذ إنها قرعت الغالبية على نشاطها المحافظ. قالت من هيئة القضاة «كان حكم الكونغرس (في عام 2006) أن 40 عاما لم تكن وقتا كافيا للقضاء على بقايا التمييز في أعقاب ما يقرب من 100 عام من التجاهل لمبادئ التعديل الخامس عشر». وفي ألاباما، اكتشف الكونغرس أنه «كان هناك كثير» من المعوقات التي تقف في طريق حقوق التصويت الخاصة بالأقلية. قد لا يكون التاريخ قديما مثلما يفترض روبرتس.

* خدمة «واشنطن بوست»