مرسي.. لم يكسل ولم يتبلد!

TT

في الخطاب الأخير للرئيس المصري محمد مرسي، بدا ثابتا على مواقفه السابقة.. بل زاد عليها تصريحه بالأسماء التي كان يلمح لها، وشملت قضاة، ورجال أعمال، وصحافيين، ووزراء سابقين، ومعهم «موردو» البلطجية مثل: عاشور وفودة.

بعد أن أفاض الرئيس مرسي في استعراض المؤامرة ضده، من الجميع تقريبا، مؤكدا أن فلول مبارك هم خصومه في الشارع، اشتد به الغضب ثم استشهد بهذا البيت من الشعر:

* إذا القومُ قالوا مَنْ فتى خلتُ أنني - عُنِيتُ فلم أكسلْ ولم أتبلدِ

*البيت للشاعر الجاهلي طرفة بن العبد أحد شعراء المعلقات. وقد قتل الشاعر شابا بعد تسلمه رسالة من ملك الحيرة، توهم أنها رسالة توصية به إلى عامله على البحرين، ولم يسمع الفتى الشاعر تحذير خاله الشاعر المتلمس في طريق العودة، من محتوى الصحيفة وذهب إلى حتفه، حيث كانت الرسالة تحمل أمرا من الملك لعامله بقتل الشاعر، وذهبت «صحيفة المتلمس» مثلا لمن يحمل بيده وثيقة نهايته.

حين سمعت الرئيس يستشهد بهذا البيت، تذكرت أنه ليس أول منتم للجماعة يردد هذا البيت، فقد كان مؤسس الجماعة و«إمامها» الأستاذ حسن البنا شغوفا بهذا البيت في شبابه، وتحولت هذه القصة إلى أسطورة للجماعة.

جاء في موسوعة الإخوان نقلا عن البنا أنه قال عن لحظة خوضه امتحان دبلوم دار العلوم وكيف أنه أبهر أستاذه بحفظ ثمانية آلاف بيت من الشعر وكذلك النثر: «ثم قال لي (أي الأستاذ الممتحن) إني أسألك السؤال الأخير: ما أحسن بيت أعجبك في الشعر العربي؟ قلت: أحسن بيت أعجبني قول طرفة بن العبد في معلقته:

* إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني - عنيت فلم أكسل ولم أتبلد

*قال: قم يا فتى.. هذا سؤال يسأل للنابهين من الطلبة في كل عام هنا، وفي الأزهر، فلم يجب أحد بمثل ما أجبت إلا الشيخ محمد عبده.. إنني أتنبأ لك يا بني بمستقبل عظيم». انتهت رواية الإخوان.

لذلك حين قال مرسي في حواره الأخير لصحيفة «الغارديان» البريطانية إنه واثق من إتمام فترته الرئاسية، وإن خصومه «فلول»، فهو ينطلق من هذا التكوين النفسي التربوي.

الحق أن العزيمة والإصرار من الشيم الممدوحة في الزعيم، حتى ولو خالف قراره عواطف الجماهير، بشرط أن يكون هذا القرار منتجا ومفيدا للناس ولو بعد حين، وبشرط وجود مقدمات منبئة عن توفر هذا الوعي.

في تقديري أن جماعة الإخوان غير مؤهلة لحكم مصر في الفترة الحالية، ولو أنهم صبروا قليلا واكتفوا بغالبية البرلمان لكانوا خلاصا وأملا للحالمين، لأن وضع مصر الاقتصادي والأمني والمؤسساتي في غاية الضعف والخطر حاليا. لكنهم آثروا أخذ الجمل بما حمل. هل يعني هذا أن ساسة المعارضة يملكون الحل؟!

بوضوح، لا يملكون، ولكنهم يمارسون دور المعارضة، الذي طالما استمتع به الإخوان، لكن هذه المرة بشعارات من الأرض وليست من السماء.