مولد سيدي أبو الحجاج.. أصله فرعوني

TT

يعود تاريخ مولد سيدي «أبو الحجاج» إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام، ولذلك فإن أصله فرعوني بكل تأكيد.. وكل ما هو مسجل على حائط معبد الأقصر يتم تنفيذه بالكامل اليوم خلال الاحتفال بمولد أبو الحجاج.

وسيدي «أبو الحجاج» له مسجد أقيم داخل معبد الأقصر، ويجاوره كنيسة خاصة بالقديسة «تريزا»، ولذلك فإن معبد الأقصر يجمع بين الحضارة الفرعونية والقبطية والإسلامية.

وفي يوم 14 شعبان يحتفل أهل الأقصر بهذا المولد احتفالا جميلا ويأتي لحضور المولد محبو «أبو الحجاج» من كل القرى والمدن المجاورة للأقصر، ويصل عدد الحاضرين في بعض الأحيان إلى نحو مليونين.. أما ما يحدث في هذا الاحتفال فهو طبق الأصل لما كان يحدث في الدولة الحديثة الفرعونية من احتفالات يطلق عليها عيد «الأوبت» أو أعياد الوادي الجميل، وفي هذا العيد يخرج تمثال الإله «آمون» إله مصر الفرعونية من معبده بالكرنك ويضعه الكهنة داخل مقصورته الذهبية على مركب من خشب الأرز يحمله الكهنة على أكتافهم ويزف الإله إلى معبد الأقصر في احتفال شعبي ديني، تقام خلاله الرقصات والأغاني حتى يصل الإله لزيارة الإلهة «موت» زوجته داخل معبد الأقصر أو معبد «الحريم»، وهذه الزيارة تأتي مع الفيضان، وقد تعني لدى المصريين القدماء خصوبة الأرض حينما يلتقي الإله بالإلهة، وقدوم الخير والفيضان.

ومن أهم هذه المناظر ذلك المنظر الذي يعود إلى عصر الملك «توت عنخ آمون» وفيه تظهر مناظر رحلة الإله «آمون»، وكذلك عودته مرة أخرى من معبد الأقصر إلى الكرنك.

ومن العجيب أن هذه المناظر تجدها الآن بمدينة الأقصر، حيث تجد الأهالي يرقصون في الشوارع ويغنون أغاني تراثية جميلة، وفي نفس الوقت تجد المراكب تبحر في نهر النيل وعليها أعلام مصر ومحافظة الأقصر، وتنطلق مواكب القوارب لتعلق الاحتفال بمولد «أبو الحجاج» وهم لا يعرفون في نفس الوقت أنهم يعيدون إلينا احتفال عيد «الأوبت» الذي يرجع إلى ثلاثة آلاف عام، والآن نجد اليوم يجتمعون في ساحة المسجد داخل معبد الأقصر، وهم يحملون مركبا من الخشب، ووراءه عربات عليها صناع الفخار والتجاريون وغيرهم من أصحاب المهن، ويلعبون «التحطيب» - أي المبارزة بالعصا - وهي لعبة فرعونية أصيلة مسجلة على جدران المقابر، بل وعلى جدران المجموعات الهرمية في الدولة القديمة. ويقوم الرجال أيضا بركوب الخيل.. أما الشيء الوحيد الذي نجده خلال هذا العيد ولا يوجد في العيد الفرعوني هو أن الأهالي يذكرون الله ويتلون آيات القرآن الكريم.

وهذا المسجد الجميل قمنا بترميمه أخيرا، وهو يعود إلى عام 658هـ، وقد عثرنا على جدران الجامع على مناظر ترجع إلى عصر الملك «رمسيس الثاني».. وقد قامت فنانة كندية بعمل فيلم وثائقي عن هذا العيد وأصله الفرعوني، بل وناقشت رسالة دكتوراه عن هذا الموضوع بجامعة بنسلفانيا.