باسم الإسلام

TT

في فترة من تاريخ العالم الإسلامي كان يحكم مصر ودولا كثيرة أخرى محسوبة عليها رجل غريب الأطوار وحاد الطباع، تصرفاته عجيبة، وحركاته وأقواله خليط بين الغريب والعجيب، كان محسوبا على الدولة الفاطمية، وهو رجل تمت البيعة له بشكل شرعي ورسمي وعام، والرجل المقصود هنا هو الخليفة «الحاكم بأمر الله»، وهو الخليفة الأكثر جدلا في الدولة الفاطمية، ومن أغرب الشخصيات التي حكمت باسم الإسلام في التاريخ الإسلامي.

وطبعا لم يكن «الحاكم بأمر الله» هو الشخصية الغريبة والعجيبة والشاذة الوحيدة التي حكمت باسم دين الله، واعتبرت نفسها ممثل الله على الأرض ومندوب الإسلام في الكون. فليس كل من ادعى أنه يحكم بالدين الإسلامي هو كذلك. وعليه، فإن مناصري محمد مرسي رئيس مصر السابق، يرددون في مظاهراتهم العنيفة، في الأيام الأخيرة، شعارات تصور الوضع على أنه «حرب علنية على الإسلام والمسلمين»، وكأن سائر المصريين ليسوا بأهل إسلام ولا مسلمين، وفي وقت كان هناك رجال دين أجلاء وأحزاب دينية أخرى تعترض أساسا على استمرار الرئيس محمد مرسي، نظرا لفشله الذريع جدا في إدارة شؤون البلاد، بشكل أصاب مصر بضرر بالغ في شتى مجالاتها، كما بات معروفا اليوم.

الشعارات الرخيصة التي رفعت من مؤيدي محمد مرسي (وهو أفشل رئيس جمهورية في تاريخ مصر حتى يكون الأمر واضحا جدا) هي شعارات فتنة تسعى لتحريك «الغلابة» من الشعب المصري، الذين تدفعهم الفطرة والعاطفة الجياشة الغيورة والمدافعة بطبيعتها عن دينها، فيوجهون للتظاهر في الشوارع والميادين بالقول لهم: «دول شالوا الريس المسلم وحيجيبوا واحد علماني. يعني إيه علماني؟ يعني مش بيخاف من ربنا».

الدخول باسم «الدفاع عن الدين والإسلام والمسلمين» هو الاختيار الأسهل لمؤيدي محمد مرسي، حيث إن نداء «نحن ندافع عن الشرعية ونسعى إليها»، يبدو مخيبا للآمال جدا في ظل وجود عشرات الملايين من المهللين والفرحين لزوال حكم محمد مرسي. فبالتالي سيكون عدد مؤيديه ضئيلا جدا ومحدودا للغاية مقارنة بالآخرين، وكذلك الأمر إذا دافع أنصار محمد مرسي عن إنجازات مرسي، سيكون الرد جاهزا وعلى الفور: «هي فين دي يا حسرة؟» لأن عصر أو حقبة أو فترة محمد مرسي الأسوأ في إدارة البلد، الذي أتى برجل ضعيف بلا خبرة صاحب شخصية مهزوزة لترؤس الحكومة، فكانت قراراته كلها مصدر تذمر وسخرية وضحك، وبلا أي جدية ولا قيادة تُذكر.

أخطر ما في الموضوع الشعارات الخبيثة التي تُرفع باسم تأييد محمد مرسي، فتفرق المجتمعات بين مسلم ومعادٍ للإسلام، وهذه لعمري مهزلة وشر، لأن رجلا أساء الأداء وحنث بقسمه لحماية الدستور هو رجل فقد الشرعية، وقام عليه شعبه يطلب إزالته، وليس بعداء على الإسلام ولا على المسلمين، كما يروج وبأسلوب ساذج لا يقبله إلا السذج.

اللهم احمِ مصر وسائر البلاد من فتن العباد الجهلة. وكل عام وأنتم بخير.