دروس من التاريخ الأميركي في ذكرى الاستقلال

TT

في عيد الاستقلال قبل 199 عاما، كان هناك ما يدعو للاحتفال في واشنطن. عندما كانت أميركا على شفير الهزيمة في حرب عام 1812، كان البعض يخشى من أن يكون ذلك احتفال الرابع من يوليو (تموز) الأخير. ستجلب القوات البريطانية التي كانت تهدد بفصل الاتحاد ألعابها النارية الخاصة - وأضرمت النيران في البيت الأبيض والكابيتول هول والمباني العامة الأخرى، أواخر صيف ذلك العام. وأصبح حرق واشنطن مادة للكثير من الأساطير.

1 - أحرق البريطانيون واشنطن للانتقام من حرق الأميركيين ليورك (صحيفة تورنتو، الحالية).

كان الأميركيون يحرقون بالفعل المدن في تشيسابيك ريجن عندما وصلت الأخبار بأن القوات الأميركية أحرقت عاصمة كندا الشمالية، مستعمرة بريطانية، في أبريل (نيسان) 1813. وضغط الأدميرال البحري، جورج كوكبيرن، قائد البحرية الملكية في تشيسابيك، للهجوم على واشنطن ليس ردا على ما وقع في يورك، التي كانت معروفة بالكاد في ذلك الوقت، لكن كاستمرار منطقي لحملة الإرهاب أملا في إجبار الحكومة الأميركية على الصلح وفق الشروط البريطانية.

الجنرال البريطاني الذي استولى على واشنطن، روبرت روس، لم يذكر شيئا عن الرد بالمثل في تقاريره إلى إنجلترا لكن عوضا عن ذلك وصفه بإذلال أميركي سوف ينهي الحرب قريبا. وكتب روس في خطاب إلى زوجته «إنهم يشعرون بقوة بخزي اختطاف عاصمتهم على يد حفنة من الرجال ويلقون باللائمة على حكومة خاضت حربا دون معنى أو قدرات لتنفيذها».

فور اقتحام واشنطن، تلقت حكومة الرئيس جيمس ماديسون مذكرة من البريطانيين تتحدث فيها عن «التدمير الوحشي» الذي قامت به القوات الأميركية عند شلالات الحدودية وبحيرة إيري في. ولم تذكر الحريق المتعمد لمبنى البرلمان في يورك كمبرر إلا بعد مرور عدة أشهر، بعد الانتقادات التي واجهتها بريطانيا في الداخل والخارج لحرق المباني في واشنطن.

2 - السيدة الأولى دولي ماديسون تحمل صورة جورج واشنطن بشجاعة من البيت الأبيض في الوقت الذي فر فيه زوجها هربا.

تستحق دولي ماديسون الإشادة لإصدارها أمرا بحفظ صورة غيلبرت ستيوارت إدراكا لأهميتها الرمزية، لكن دورها تم تضخيمه.

بعد تلقي نبأ الهزيمة الأميركية في بلادنسبورغ خارج واشنطن يوم 24 أغسطس (آب)، أمرت السيدة الأولى العاملين، بما في ذلك بول جينينغز، أحد الخدم في منزل في ماديسون، والذي كان يبلغ من العمر 15 سنة، إنزال الصورة - لم تكن مهمة سهلة لأن الإطار كان مشدودا إلى جدار غرفة الطعام. وادعت ماديسون في وقت لاحق أنها بقيت «حتى جرى القيام بالمهمة». لكن آخرين قالوا إنها غادرت قبل أن يتم إنزال الصورة.

وكتب جينينغز في مذكراته «نقلت الكثير من الروايات عن هرب السيدة ماديسون من البيت الأبيض، وقيل إنها قطعت صورة كبيرة لواشنطن من الإطار وحملتها معها. وهذا غير صحيح تماما. لم يكن لديها الوقت لفعل ذلك.. كل ما كانت تنقله هي كانت الفضيات في حقيبتها، لأنه كان يعتقد أن البريطانيين على بعد عدة ساحات من المنزل ويتوقعون وصولهم في أي لحظة».

أداء جيمس ماديسون كقائد عام، وبخاصة تردده في الأسابيع التي سبقت القبض على واشنطن، لم يكن مرضيا. لكنه أظهر شجاعة خلال الهجوم، وكانت أفعاله في الأيام التي تلت ذلك من أروع لحظات من رئاسته.

مع اقتراب البريطانيين، هرع ماديسون إلى بلاديسبورغ، شاردا خلف الخطوط الأميركية وتعرض في وقت لاحق لقصف البريطانيين. لم يكن فقط ماديسون أول رئيس في السلطة يصل إلى ساحة المعركة، والوحيد - عدا أبراهام لنكولن خلال الحرب الأهلية - الذي كاد أن يؤسر أو يقتل.

3 - عاصفة أنقذت واشنطن

توضح مقالة في «واشنطن بوست» تقوم بتحليل الأساطير المفاهيم الخاطئة وتجعلك تفكر مرة أخرى بشأن فيما تعرفه حقا.

بعد ظهر الخامس والعشرين من أغسطس، اليوم الذي أعقب الحرائق التي أشعلها البريطانيون في العاصمة، أصيبت واشنطن من الشمال الغربي نتيجة عدد من العواصف العاتية التي ربما تكون قد تسببت في هبوب أعاصير بالغة القوة، لكن ذلك لم ينقذ المقاطعة - بل زادت في أضرار المدينة.

وعلى الرغم من تجنب البريطانيين الممتلكات الخاصة في واشنطن بشكل كبير، فإن العاصفة لم تفعل ذلك. وفي بعض أحياء المدينة كانت كل المنازل محطمة، وكانت الأشجار مقتلعة من جذورها، والمداخن منهارة، والأسقف مدمرة والمنازل سويت بالأرض. كان مكتب براءات الاختراع، المبنى الحكومي الوحيد الذي لم يمسه البريطانيون، والذي فقد جزءا من سقفه. قد تشققت الحوائط الساخنة في الكابيتول عندما ضربها الهواء البارد.

ويزعم أن سيدة قالت لكوكبيرن: «كان ذلك تدخل من العناية الإلهية لطرد أعدائنا من المدينة».

ورد عليها كوكبيرن: «ليس على هذا النحو يا سيدتي، بل هي مساعدة لأعدائك في تدمير المدينة».

استغل البريطانيون، الذين أصابتهم مثل الأميركيين بسبب قوة العواصف، ميزة الفوضى التي خلفتها العواصف للانسحاب من واشنطن تلك الليلة. ونقل عن كوكبيرن قوله: «اكتمل التدمير الكلي».

4. السبب وراء اسم البيت الأبيض هو طلاؤه باللون الأبيض لتغطية آثار الحريق.

عندما فُتح القصر أمام الجمهور في يوم رأس السنة عام 1818، غطى الطلاء على آثار الحريق والأحجار المتصدعة. وقيل لزوار واشنطن عبر الأجيال أن هذا هو السبب وراء اكتساء المبنى باللون الأبيض. ولكن الحجر الرملي ذات اللون البني المصفر بالخارج طلي باللون الأبيض حتى قبل أن يصبح القصر مقرا لرؤساء الولايات المتحدة عام 1800، وهو ما جعله يبرز من بين معظم المنازل في واشنطن، التي كانت تحتوي على أطر خشبية أو من الطوب. وأطلق بعض السكان عليه اسم «البيت الأبيض» بداية من عام 1810.

5. صد البريطانيين في بالتيمور بعد ثلاثة أسابيع يثبت أن سكان بالتيمور أشد بأسا من سكان واشنطن

قال مارتن أومالي، عمدة بالتيمور السابق والحاكم الحالي لولاية ميريلاند، للكونغرس عام 2002. «لو كانت مدينتنا قد انتظرت للحصول على المشورة بشأن الدفاع عن النفس من واشنطن في حرب 1812، لكان جميعنا قد غنى(حفظ الله الملكة)»، في إشارة إلى سقوط المدينة في أيدي البريطانيين.

ولكن فكرة أن مدينة بالتيمور أكثر شجاعة وبسالة تتجاهل حقيقة أن قائد دفاعات واشنطن كان محاميا من بالتيمور، وهو الجنرال غير الكفء وليام ويندر، علاوة على أن معظم أعضاء الميليشيات التي تدير خطوط الدفاع الأول في بلاديسبورغ كانوا من بالتيمور وكانوا أول من يفرون في مواجهة التقدم البريطاني.

وهرعت ميليشيات المنطقة من واشنطن وانضمت إلى خط المواجهة الثالث تحت قيادة العميد جوشوا بارني وأسطوله ومشاة البحرية الأميركية. ولم أكن مشتركا في تلك المعركة إلى حد كبير، ولم أتراجع إلا بعد صدور أوامر من ويندر الذي كان هلعا، في ظل اعتراضات من الضباط التابعين له. وكانت وحدة الميليشيا التي قاتلت بصورة جيدة في بلادينسبورغ هي مدفعية جورج تاون الأرضية، التي أمطرت البريطانيين بوابل من النيرات وغطت الانسحاب الأميركي باحترافية شديدة. واستعادت ميليشيا بالتيمور عافيتها مرة أخرى بعد ثلاثة أسابيع في «نورث بوينت». ومن بين الاختلافات الرئيسة أن القتال هذه المرة كان من أجل بالتيمور، لا من أجل واشنطن.

* خدمة «واشنطن بوست»