مسألة الشرع

TT

طالت كثيرا فترة التساؤل حول مكان الأستاذ فاروق الشرع، وكثرت الإشاعات والتكهنات. ووفقا لإحداها: خرج من سوريا، لكنه لم يظهر في أي مكان آخر. ثم ظهر نائب الرئيس السوري وحده في جنازة القادة الأمنيين وغاب من جديد. ثم ظهر في مؤتمر حواري مع «المعارضة الوطنية في الداخل» وعاد فغاب. وفي آخر ظهور اقترح خريطة حل رأى الصحافيون أنها جس نبض من النظام، ورأيت أنها مبادرة من سياسي مخضرم، وبعد صدورها استنكر فاروق الشرع ولم يعد يظهر.

نائب الرئيس في العالم العربي لقب تشريفي مثل رئيس الوزراء. أو الوزراء. يتخطى النيابة إلى الأصالة فقط في القدر الأخير، كما حدث مع أنور السادات في خلافة جمال عبد الناصر ومع حسني مبارك في خلافة السادات. عندما توفي الرئيس حافظ الأسد خيِّل إلى الناس أنه سوف يخلفه نائبه لسنين طويلة، عبد الحليم خدام. خطأ. نائب الرئيس لا يخلف في سوريا حتى في القدر الأقصى.

العراق كان استثناء: أعد السيد النائب صدام حسين خطة محكمة لعزل الرئيس أحمد حسن البكر ضمن الشرعية الحزبية. لكنه، بالتجربة، لم يعين نائبا له. يتشاءم من الفكرة. وكذلك حسني مبارك. فاروق الشرع، مثل عبد الحليم خدام، عمل طويلا في وزارة الخارجية. درب نفسه على أن يقرأ ما يريده أو يتوقعه الرئيس، من دون أن يضطره إلى الشرح. كلاهما اعتمد لهجة العنف لكي يترك للرئيس لهجة الهدوء. أو هذا ما قاله هنري كيسنجر لفرنسوا ميتران عن خدام.

في حياته الخاصة، كان فاروق الشرع رجلا ودودا ومتواضعا، بعكس المظهر الرسمي. خروجه من «القيادة القطرية» ليس مفاجأة لأن أبدية المواقع هي فقط للرئاسة. لكن أيضا عضوية القيادة ليست أكثر من منصب فخري يجب أن يحافظ عليه الأقدمون إذا لم يكن المقصود عزلهم.

كانت حوران هي غلال القمح في سوريا فأصبحت تصدر لها الثورة. وكانت ترسل إلى دمشق، نائب الرئيس. لكن ذكرى درعا جعلت النظام يتذكر كل يوم أن فاروق الشرع آت من هناك. لو كلف الشرع مسألة درعا في الأيام الأولى لاختلف الأمر. كلفوا بها الشبيحة.