مرسي.. حائط المبكى الإخواني

TT

ذكرت هنا قبل أيام، أنه من الأرجح أن الآلة الدعائية الإخوانية ستحول الرئيس المعزول عن عرش مصر محمد مرسي إلى «حائط مبكى» إخواني.

ويبدو أن الأمر جرى بسرعة وتدفق، متجاوزا المحيط المصري إلى الفضاء العربي بل والإسلامي. فقد رفعت صور مرسي في أزقة أفغانستان المتعبة أصلا بفقرها وحروبها وطالبانها وفسادها.

مرسي هو «الرمز» كما يقول أحد مشاهير الإخوان في الكويت، وهو القائد وهو «الخليفة» وهو الشرعية وهو الشريعة، حاميا وممثلا لها، هو عثمان آخر، هو حسن البنا آخر، هو مشروع سيد قطب آخر.

أمس قرأت في موقع إخباري فلسطيني اسمه «دنيا الوطن» عن مفاجأة لجموع المصلين الذين توافدوا إلى مدينة القدس، لأداء صلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان، بوجود جدارية كبيرة معلقة على جدران المسجد الأقصى، تحمل صورة الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، كتب عليها: القدس مع الشرعية ضد الانقلاب، وقد شاهدت الصورة.

المعنى واضح وهو استثمار شعاع القداسة في سوق السياسة، لدينا هنا القدس والمسجد الأقصى، وصلاة الجمعة الأولى من شهر رمضان، وكلها، كما يراد لنا أن نفهم، في صف محمد مرسي!

خرجنا هنا من الخلاف السياسي بل قل الصراع السياسي، إلى التكفير والصراع الصفري؛ إما أنا وإما أنت، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، الله مولانا ولا مولى لكم، الجنرال السيسي هنا لا يصبح مجرد خصم للإخوان، بل هو «كافر» كما قال أحد «الدعاة» في مصر، هذه بالضبط خطورة منهج الجماعات الدينية السياسية.

هل كان يمكن لأحمد شفيق أن «يكفر» خصومه؟ أو للبرادعي أو لعمرو موسى؟ بعيدا عن الملاحظات السلبية ضدهم، سواء في خطابهم السياسي أو تاريخهم.

بل بلغت الفجاجة في توظيف كل شيء مقدس وغيبي أن يتم تسييس الأحلام والرؤى والبشارات النبوية في الرؤى لصالح مرسي.

نذكر أثناء الجولة النهائية من الانتخابات الرئاسية بين مرسي وشفيق، كيف خرج أحد هؤلاء المشعوذين ليقول لنا إن مرسي هو الاختيار النبوي حسب رؤية رجل صالح نام وحلم وهو في المدينة المنورة، رأى 8 حمامات خضراء ترمز لـ8 سنوات كاملة سيمكثها مرسي في الرئاسة. ثم عاد سدنة الأحلام من منصة رابعة العدوية ليقولوا لنا عن رؤيا مقدسة جديدة لصالح مرسي، هذه المرة بعد عزله.

هي رغبات ومصالح، تكسى بثوب القداسة، ويصدقها كثير من المغفلين، أو المتغافلين، في حفلة زار وحرق بخور جماعية.

المأساة، هي في هذا العطب العميق، وليست في فوز شخص أو حزب ما بالسلطة وخسارة آخر.

قديما قال شاعر حاد الملاحظة عن أمثال هؤلاء:

أري عيني ما لم تبصراه/ كلانا عالم بالترهات!