علاقة السعودية بكردستان العراق.. ضرورة تمليها ظروف المنطقة

TT

نشهد هذه الأيام تنامي العلاقات بين المملكة العربية السعودية والعراق، وهناك تصريحات لوزير خارجية العراق هوشيار زيباري تؤكد ذلك، وثمة حديث عن قرب افتتاح سفارة للمملكة العربية السعودية في العراق، فضلا عن إشارات عديدة تؤكد أن الجانبين وجدا من مصلحة البلدين والمنطقة عموما تعزيز العلاقات التي ستنعكس بالخير العميم على المنطقة بجوانبها الأمنية والسياسية التي ستنعكس من ثم على الاقتصاد والتجارة والعلاقات الاجتماعية والثقافية.. وأرى أنها ضرورة تمليها ظروف المنطقة والمسؤولية التاريخية العربية والإسلامية.. كما أن على السعودية مسؤولية مضاعفة، إذ إنها الآن تنفرد بزعامة المنطقة، وتعاظم دورها بعد الأحداث في مصر والمنطقة يحتم انتهاج سياسة تنسجم مع التحولات والمتغيرات المتسارعة.

وإذا كانت العلاقة بين العراق والسعودية شابها تأثير سلبي بعد التغيير الذي حدث في عام 2003، إضافة إلى التدخل الإيراني وتعقيدات الظروف الطائفية، وهي أسباب تبرر سكون العلاقة بين المملكة والعراق، لكن برود العلاقة بينها وبين الإقليم لا يوجد ما يبرره، فمثلا لا توجد صراعات طائفية والإقليم مستقر أمنيا، وهناك علاقات اقتصادية وسياسية واجتماعية مع دول الخليج والإقليم وعلى أحسن ما يرام، إذن لا يوجد أي سبب يعرقل هذه العلاقة. كما أن خادم الحرمين الشريفين كرم الرئيس مسعود بارزاني بوشاح المملكة فأين السبب وما المشكلة؟ وما سر هذا التأخر؟ وهناك أكثر من مؤشر يدعو المملكة للانفتاح نحو الإقليم، إذ الآن تحول الإقليم إلى ساحة للاستثمارات الأجنبية بسبب الاستقرار الأمني والسياسي، لذلك هناك مئات الشركات التركية واللبنانية تعمل في الإقليم إلى جانب شركات عربية وخليجية. ولكن مع ذلك يبقى للدور السعودي أهمية كبيرة وسينعكس إيجابا على العراق والإقليم ومن ثم المنطقة، ويعيد حساب خريطة التوازنات فيها.. فالسياسة في الإقليم منفتحة على الجميع، ولا يخشى منها كنمط للعلاقات من الممكن أن يؤثر على قرار الدول الأخرى ويكبلها بقيود، فليس بمقدور الإقليم أن يؤثر على الوضع والقرار السياسي في أي من دول المنطقة، بل من الممكن أن تستفيد المملكة من موقع الإقليم الجيوسياسي، فضلا عن الانعكاس الإيجابي لهذه العلاقة بالدور السعودي في الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي في العراق والمنطقة.

لهذه الأسباب وغيرها أجد من الضروري تطوير العلاقات بينهما، فمن المثير للحيرة والاستغراب هو أنه لا يوجد أي عائق سواء كان آيديولوجيا أو سياسيا يحول دون تنامي هذه العلاقة، فضلا عن أن شعب كردستان يكن احتراما كبيرا للمملكة بسبب مكانتها الدينية إلى جانب الاعتبارات الأخرى، كما أن إقليم كردستان ينتهج سياسة منفتحة على جميع الدول، وبمختلف توجهاتها السياسية على أن لا تكون مارقة ومستبدة ولا تحترم حقوق الإنسان، لكنها تضع الأولوية للدول العربية ولا سيما دول الخليج بحكم الارتباط التاريخي والإسلامي.

بعد هذا الذي سقناه ترى من سيبادر لكسر هذا الحاجز أو الخط الوهمي واللامبرر الذي يحول دون تعميق العلاقة بين المملكة العربية السعودية وإقليم كردستان العراق؟