نتائج استطلاع متخيل

TT

لو طرحت عليك شركة استطلاعات سؤالا في استفتاء دولي حول الدولة التي تتمنى أن تكون فيها مواطنا وفق المعايير التالية: دخل فردي شديد الارتفاع. ضمان صحي شبه كامل. فرص ربح بلا حدود. ضرائب شبه معدومة. نظام تعليمي متعاقد مع أهم جامعات العالم. جهاز قضائي غير مشكوك فيه. وفوق ذلك محفظة استثمارية قدرها تريليون دولار لأحفادك.

ماذا نسمي؟ لا. ليس النرويج، لأن استثماراتها أقل. كندا؟ لا. فكر قليلا، لأن المعيار نسبي حسب عدد السكان. أنا أعتقد أنني سوف أسمي في استمارتي دولة الإمارات. سوف تقول لي إن السبب هو الثروة النفطية.. صحيح.. صحيح. لكن إيران أيضا دولة نفطية، وأنغولا، والجزائر. تذكر دائما أن الاستطلاعات تقوم على الأرقام والنسب والمعدلات. وهذه الشركات لا تعرض الشهادات الجامعية للبيع، ولا تسلف رئيس وزراء عربيا دكتوراه في الأدب العربي من أذربيجان.

سوف تقول: ولكن أنت، المحبِّر، لطالما كتبت أن لا علاقة لك بالأرقام بدءا بجدول الضرب، فمن أين لك حكاية المعدلات والنسب والتريليونات؟ بشرفك، هل حقا تعرف معنى تريليون؟ بصراحة، أعرف أنه شيء هائل يحتاج إلى عشرة مصارف كي تحمله.

لم أدخل في متاهة الأرقام هذه عبثا. أمهلني وسوف أحاول أن أبرئ ذمتي. لكن دعني أروي لجنابك أولا؛ إنني منذ سنوات قلت للشيخ خليفة بن زايد إن حجم استثمارات أبوظبي فاق التريليون، فصحح بأدبه الجَمَّ: 800 مليار. لعل المجموع صار الآن صحيحا لما كان بالأمس خطأ.

هذه الدولة التي تغبطها أمم الأرض على ما هي فيه، تآمر الإخوان المسلمون لتغيير نظامها. لماذا يا مولاي؟ ماذا لا يعجبك؟ أي نظام آخر سوف تستبدله بالضمان الصحي؟ ما مشروعك لشبكة الطرقات؟ الري؟ تحلية المياه؟ العقود مع الجامعات العالمية؟

عندما بدأ الفريق ضاحي خلفان ينتقد «الإخوان» قبل عامين ظن كثيرون أن الرجل هاو للصوت العالي. لكن ضاحي خلفان كان يعبر عن صوت الأمن في الدولة. وبمجرد أن تُرك له وحده التحدث في الأمر، كان واضحا أن ثمة قضية مهمة في أيدي القضاء.

يفهم المرء أن يعد الإخوان فقراء اليمن بحل سحري، وأن يوزعوا القصور والفنادق على سكان العشوائيات، لكن أن تعد بلاد زايد بمحمد مرسي؟ أي نموذج تريد أن تعرض بديلا لدبي؟ أليس من المفترض أن يفكر المرء قليلا قبل أن يعرض الإفلاس على الغني، والفوضى على المستقر، والإرشاد على المعلمين؟