مع أحمد أم مع سنودن؟

TT

من أغرب التوصيفات لحالة (إدوارد سنودن) موظف المخابرات الأميركية «الهارب» إلى مطار موسكو، ما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه، حيث قال إن أميركا تحبس سنودن في موسكو!

بوتين اتهم واشنطن بمنع سنودن من مغادرة روسيا بعد وصوله إليها من هونغ كونغ في 23 يونيو (حزيران) الماضي، من دون دعوة من موسكو حسب كلامه، مضيفا وهو يتميز من الغيظ من الأميركيين: «لقد أخافوا جميع الدول الأخرى، بحيث لم يعد أحد راغبا في استقباله، وبالتالي جعلوه محتجزا في أراضينا».

لا أدري كيف يريد الرئيس بوتين من أميركا أن تعامل موظف مخابرات سابق لديها، خانها. أجهزة المخابرات، وهذا أمر يعلمه بوتين جيدا بحكم خلفيته، لا تمزح في مسائل الخيانة.

الغريب أن بوتين ممتعض من هذه العقوبة الأميركية «الناعمة» لعميلها الخائن، ولا يتذكر ما جرى للروسي (ألكسندر ليتفينينكو) الذي اغتيل في العاصمة البريطانية لندن في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) 2006. وهو عميل سابق لدى الاستخبارات الروسية، هرب إلى بريطانيا وفيها تحدث وكتب عن المخابرات الروسية، لم يفعل عشر ما فعله نظيره الأميركي سنودن، ومع ذلك لاحقته فرقة اغتيال وقتلته عبر تسميمه بمادة مشعة.

سنودن - إن لم نقل إنه مجند من قبل استخبارات دولة معادية أو منافسة لأميركا - هو ضحية شهوة الاتصال الإنترنتي، ومظهر من مظاهر هذه الفوضى المعلوماتية التي فرضتها بيئة مواقع التواصل الاجتماعي.

مجند مخترق أو مهووس شهرة، لا فرق، فالنتيجة واحدة، وهي تعرض مصالح ومعلومات أميركية للخطر بسبب هذا الهتك لأسرار الدولة الأميركية.

كغرابة واستثناء فعل سنودن، كانت لحظة الرجل الحالية، فلا هو متخف في الإكوادور، ولا هو في شقة بموسكو، ولا هو سجين في سجن، ولا هو راكب في طائرة، ولا هو سائح، ولا هو حتى مواطن أميركي ولا غير أميركي، إنه إنسان بلا عنوان ولا مقصد.

المطارات مناطق خطرة، هي البقعة التي تنقلك من مكان إلى مكان وتتخلى فيها لوهلة عن سيادتك على نفسك مسلما غيرك إياها، خصوصا لمن يعبر في صالات مواصلة الرحلات «الترانزيت».

سنودن العالم كله يتابع قصته وهو عالق في مطار موسكو، وليس كحال الشاب الفلسطيني المسكين أحمد كنعان (22 عاما) العالق في مطار العاصمة الماليزية كوالالمبور منذ 50 يوما، حيث نقلت صحيفة «نيشن» الماليزية عن بعض الضباط المسؤولين في المطار قولهم إنهم يجهلون سبب وجوده طوال هذه الفترة في المطار، يحصل على وجبة واحدة يوميا فقط من إدارة صالة الترانزيت.

قصة أحمد مأساة. فهو ذهب لدراسة الفندقة والسياحة في موسكو، ثم سافر إلى ماليزيا وتجاوز نظام الإقامة فيها، وفي الأثناء تعرضت عائلته المقيمة في سوريا لمشكلة أخرى حيث فرت منها بسبب الأحداث الجارية إلى النمسا! والولد عالق في كوالالمبور!

هذه هي المأساة الحقيقية، لا مشكلة سنودن الذي لعب بين وحوش المخابرات.

لكن أحمد لا بواكي له.