سوق الأسهم السياسية!

TT

العلامة التجارية والاسم التجاري من أهم عناصر تقييم المنتج أو الشركة في العالم الاستثماري والاقتصادي بشكل عام، فمع تطور وتحسن أداء المنشأة تزداد «قيمة» العلامة ويزداد قبولها بين الجماهير العامة، ومن البديهي طبعا أن يكون العكس أيضا هو الصحيح، ونشاهد طبعا هذا الأمر بشكل واضح وجلي في البورصات العالمية وسوق الأسهم المحمومة في تداولها وكيف أن شركات «تزداد» بريقا وقبولا بحسب أدائها، وغيرها «يختفي» بريقها، وذلك بسبب رعونة الأداء وسوء النتائج على الرغم من الوعود، وبالتالي التوقعات المتأملة خيرا.

المقارنة واردة جدا في أحزاب وحركات وتنظيمات الإسلام السياسي في العالم العربي. اليوم هناك مثالان صارخان يؤكدان المعنى المنشود، جماعة الإخوان المسلمين، وحزب الله، فلو أن الاثنين كانا أسهما في شركتين لكان من المؤكد القول إنهما فقدا أكثر من 80 في المائة من قيمتهما التي كانا عليها منذ عام مضى. فجماعة الإخوان المسلمين حكمت مصر، وشهد عصر رئيسها فترة في منتهى السوء من فتن وأزمات وتأجيج للصراع بين أفراد الشعب، وحزب الله انتقل من خانة المواجهة والمقاومة ضد إسرائيل إلى مرتزقة وميليشيا رخيصة تمارس الإرهاب بشكل علني دفاعا عن نظام قاتل ومجرم يبيد شعبه، بينما ينشر زعيمه حسن نصر الله الكذبة تلو الأخرى لتبرير وجوده في سوريا، فتارة قال إنه يدافع عن اللبنانيين في القرى السورية، ثم قال إنه يحمي لبنان من التكفيريين، ثم قال إنه ذاهب للدفاع عن مقام السيدة زينب، رضي الله عنها، وطبعا الواقع كان غير ذلك، إذ كانت ميليشيا حزب الله الإرهابية تقتل الأبرياء السوريين في القصير وريف حمص وحلب.

«الإخوان المسلمون» اختاروا اسما ذكيا لجماعتهم، فهم بهذا الاسم وضعوا خطأ ذهنيا في عقول الناس (إنهم إخوان ومسلمون في آن واحد)، وطبعا بعد ذلك قدموا شعارا بسيطا حالما خاليا من التفاصيل ولكنه في غاية الجاذبية، وهو «الإسلام هو الحل»، وهو شعار آخاذ وساحر، فمن الذي سيجادل مع هذا الشعار أو يتحداه؟ وكذلك الأمر بالنسبة لحزب الله، فهو أيضا اسم من القرآن الكريم وتتمة الآية الكريمة أخذت كشعار للحزب «فإن حزب الله هم الغالبون».

جذب الشعار الناس وانبهروا به أيضا، ولكن التجربة فضحت أمورا كثيرة في الحالتين. فـ«الإخوان المسلمون» استغلوا «الديمقراطية» للوصول إلى سدة الحكم ولم يقوموا بالحكم بالديمقراطية، فلقد كان أسلوبهم إقصائيا وانتقاميا وبشدة في مجتمع ثوري ومنقسم، ولكن «الإخوان» كانوا منغمسين بأجندتهم دون الالتفات إلى الصالح العام وأن يكون حكما توافقيا يراعي مصالح كل المصريين، وبصورة أفظع كان حال حزب الله الذي كشفت الأيام عن أنه ما هو إلا وجه طائفي بغيض وحلقة في مشروع طائفي أبغض، وأنه بات أداة ابتزاز ضد العيش السلمي في لبنان وظل محتفظا بسلاحه لا يرفعه إلا في وجه اللبنانيين، وأخيرا كما قلنا تحول إلى ميليشيا إرهابية تدافع عن نظام مجرم وطاغية.

انفضحت الحقائق وتبخرت الأحلام والأوهام التي كان كل منهما يروجانهما للعامة وللأنصار التابعين لهما، ولم يكن بالإمكان الاستمرار في تبرير مواقفهما ولا التبرير لهما، إنه الإخفاق المخجل الكبير.

«قيمة» الإخوان المسلمين وحزب الله في «سوق» السياسة انهارت تماما، وبات الوضع بحاجة لإعادة هندسة وإعادة بناء للمنشأتين السياسيتين تماما بأهداف جديدة وقيادة جديدة وأسلوب جديد تماما. نفس الذي حدث مع الناصرية والبعثية والنازية، كلها كانت حركات سياسية رفعت شعارات براقة وساحرة وجذابة، ولكنها على أرض الواقع ساعة ما حان اختبار التطبيق كان الفشل الذريع. تماما مثل ما حدث للشيوعية التي وعدت الناس بأنها الجنة الموعودة على الأرض وانهارت.

سيشهد التاريخ أن عام 2013 كتب نهاية «الإخوان المسلمين» بالمعنى العصري وحزب الله، وأنهما سيدخلان في مرحلة إعادة بناء كاملة لأنهما اليوم لم يعودا مقبولين كما كانا قديما. هذه هي الخلاصة.