البعض يرد نيابة عن دمشق هذه المرة!

TT

الرواية تقول (هي رواية لأن المهاجم والمهاجم لم يعلنا رسميا الهجوم بعد) إنه بتاريخ الخامس من الشهر الحالي تعرضت قاعدة عسكرية سورية في اللاذقية لهجوم مباغت أدى إلى تدمير 50 صاروخا روسيا متطورا سلمت مؤخرا إلى دمشق على أمل أن تلعب دورا في قلب معادلات التسلح في المنطقة.

سيناريو يتكرر للمرة الثالثة خلال عام واحد فقط.. إسرائيل تهاجم سوريا وتلتزم الصمت، واشنطن أو لندن هما من يسرب المعلومة في رسالة استراتيجية لروسيا، دمشق تنفي أولا ثم تعود لتقبل، ملوحة بأنها تحتفظ بحق الرد وتترك لقيادتها تحديد المكان والزمان، وموسكو التي تجد نفسها في وضع حرج بسبب الإساءة لتكنولوجيتها العسكرية على هذا النحو تجد نفسها ملزمة بالدخول على الخط من خلال توسيع رقعة الاتهامات شرقا وغربا.

هجوم اللاذقية الأخير يعني في ما يعني موسكو قبل غيرها، وهي محاولة بين أهدافها دفع «الدب الروسي» لمراجعة قرار تزويد دمشق بصواريخ «إس 300» التي قد لا يختلف مصيرها كثيرا عن مصير صواريخ «ياخونت»، تدمر قبل المشاركة في أي حرب سورية موعودة إلا إذا كان حقل اختبارها كان سيكون الداخل السوري في المواجهة القائمة مع الثوار السوريين. لكن الرسالة الأهم قد تكون طبعا الضغط على الروس لإقناعهم بقرار مراجعة سياستهم السورية الخاسرة في جميع الأحوال وعدم المغامرة أكثر من ذلك، حتى لا يقعوا في مصيدة الرئيس الأسد جر الجميع إلى المواجهة الإقليمية التي يريدها كثيرا.

إسرائيل وسوريا تحاولان التكتم على العملية، وكل طرف له أسبابه المعروفة طبعا، أهمها تجاهل دمشق للهجوم حتى لا تقع في ورطة حق الرد للمرة الثالثة خلال 7 أشهر، إلا أن واشنطن أرادت أن تكون السباقة في الكشف عن السر ليس فقط من أجل الضغط على موسكو في الموضوع السوري أو «دغدغتها» عبر محاولة السخرية من قرار تسليم أسلحة حديثة متطورة من هذا النوع إلى من يفرط بها بمثل هذه البساطة، بل من أجل الانتقام من الكرملين وقيادته التي تصر على المساومة والتلاعب بملف الجاسوس سنودن الذي يتمتع بالحماية الروسية.

الرد الروسي لم يتأخر، وكان بأكثر من اتجاه، محاولة توريط الجار التركي في الهجوم عبر تسريب أنباء عن استفادة المقاتلات الإسرائيلية من خدمات قدمتها أنقرة التي فتحت أراضيها «كالعادة» أمام إسرائيل، وتحريض إيران ضد تركيا التي تردد دائما أن علاقاتها بإسرائيل مجمدة في العلن، لكنها في الحقيقة لا يمكن سوى أن تكون حلقة من تعاون استراتيجي أمني أميركي - إسرائيلي - تركي شامل، ثم تذكير العالم العربي مرة أخرى بأن تركيا لا يمكن إلا أن تكون جزءا من المؤامرة ضد مصالحهم، وأن لا فائدة من لعب ورقة أردوغان. وربما هذا ما دفع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو للرد بعنف وبشكل مباشر على التسريبات الروسية «الكاذبة والتي لا أساس لها»، وهمها الوحيد هو توتير الأجواء واستهداف تركيا باتهامات من هذا النوع على طريقة «ارشقه بالوحل فإن آثاره ستبقى فوق الملابس رغم مسحها» كما يقول المثل التركي.

حتى الساعة لا نعرف رسميا إذا ما كانت إسرائيل قد هاجمت القاعدة السورية في اللاذقية حقا.

وهي لا خيار أمامها سوى تحميل أنقرة المسؤولية المباشرة إذا ما حشرت بناء على السيناريو الروسي مع أنها لم تفعل ذلك في آخر هجوم إسرائيلي كشف عنه وقيل إنه تم عبر استخدام الأراضي اللبنانية وقتها. عمليا لا نعرف إذا ما كان النظام السوري سيكرر أسطوانة حق الرد أم أنه سيتحرك لقرع أبواب مجلس الأمن والمنظمات الدولية والإقليمية لاستخدام حقه القانوني ضد تل أبيب بانتظار وصول الصواريخ الروسية الموعودة، أم أن إيران التي تحاول موسكو استفزازها هي الأخرى ستدخل على الخط هذه المرة لإنقاذ الموقف وتقديم السيناريو البديل: تزويد دمشق بالسلاح الكفيل بإشعال فتيل الانفجار في المنطقة.