التجسس الداخلي.. أميركا ليست أفضل من الصين

TT

ركبت القطار الشهر الماضي مع زوجتي تسيرينغ ويزر، وهي شاعرة وناشطة تبتية، متجهين إلى لاسا، حيث تعيش والدتها. كان رجال الشرطة يرتدون لباسا مدنيا بانتظارنا على الرصيف في لاسا. وتوجهوا بنا إلى مركز شرطة قريب، حيث أمضوا ساعة يفتشون متعلقاتنا. وأبدوا سعادة غامرة بعثورهم في حقيبة الظهر الخاصة بي على «كلب الصيد»، كما نسميه بالصينية - جهاز إلكتروني صغير يمكنه الكشف عن أجهزة التنصت اللاسلكي. سألوني لماذا أحمل، ذلك؟ قلت لهم: أنا في حاجة إلى معرفة ما إذا كان يجري رصد بيتي في لاسا من عدمه.

لكنهم قاموا بمصادرة الجهاز.

كان السفير الأميركي غاري لوك يزور لاسا في ذلك الوقت. ولم أخطط أنا وزوجتي كي تتزامن رحلتنا مع زيارة لوك، ولكن مسؤولي الأمن المحليين انتهزوا هذه الفرصة ووضعونا قيد الإقامة الجبرية. فويزر زوجتي سيدة معسولة الكلام هادئة الطباع، لكنها تحمل سجلا في معارضة السلطة في قضية التبت. ففي مارس (آذار) كرمتها وزيرة الخارجية الأميركية بمنحها جائزة المرأة الدولية للشجاعة. وبدا واضحا أن السلطات الصينية تريد أن تضمن ألا يسمع لوك أي صوت قد يفسد الصورة المثالية للتبت.

تم إطلاق سراحنا بعد رحيل لوك، ولكن الشرطة استمرت في مراقبتنا. وقد لاحظ أحد أصدقائنا ذلك وحاول التقاط صورة لهم لكنهم حطموا كاميراته. وكل من تجرأ على التحدث معنا تلقى تهديدا بزيارة من «الأمن الداخلي». وتم استدعائي إلى مركز الشرطة لمزيد من الاستجواب حول «كلب الصيد».

لذلك قلت لهم القصة كاملة. إن والد ويزر، متوفى الآن، التقط عددا كبيرا من الصور في لاسا. واعتقدت ويزر أن زيارة الأماكن التي التقطت فيها الصور ستكون مغامرة مثيرة للاهتمام. ولتحقيق هذا المشروع عثرت على كاميرا والدها واشترت الأفلام الخاصة بها. والتقطت في غضون بضعة أيام 19 فيلما.

وعندما جاءت صديقة لتودعنا قبل سفرها إلى ساحل الصين، طلبت منها ويزر تحميض الفيلم، ووافقت الصديقة. في اليوم التالي اكتشف رجال الأمن في المطار في حقيبتها سكينا لم يروها من قبل. أدى الاكتشاف إلى تفتيش مكثف لأمتعتها، حيث اصطحبتها الشرطة ثم أعادتها.

ثم أعادت الاطمئنان على الفيلم، كانت العلب كما هي لكن من دون المحتوى، فقد أعطتها ويزر 19 فيلما من أفلام «فوجي 120» معدة للتحميض، لكن العلب احتوت على 15 فيلما «كوداك 135» لم تستخدم.

دفع ذلك ويزر إلى الشك بأن أجهزة تنصت تم تثبيتها في المنزل، فقد طلبت ذلك من صديقتها شفاهة، ولم يكن هناك أحد غيرهما. وذلك هو السر وراء حملي هذا الجهاز.

قلت كل هذا للشرطة وطلبت منهم أن يعيدوا لي الجهاز لكنهم رفضوا، فقد كان أداة مكافحة الجاسوسية. وقيل لي إن المواطنين لا يملكون الحق في الحصول على هذا الجهاز.

حدثت هذه الأشياء في الوقت الذي جذبت فيه أفعال إدوارد (سنودن) انتباه العالم. بدت الحكومة الصينية سعيدة. وقالوا، انظر! الولايات المتحدة ليست أفضل من الصين، لذلك دعونا نتوقف عن تبادل الاتهامات.

ولكن لا تقفزوا إلى الاستنتاجات. كيف يمكن مقارنة الحالتين؟ هل يعقل أن تقول الولايات المتحدة لأحد مواطنيها إنه لا يملك الحق في الحصول على «كلب الصيد»؟ في الصين، يمكن للحكومة دخول فضاء أي مواطن في أي وقت تريد. ولذا فإن «مكافحة المواطنين للتجسس» لهو الأمر المحظور.

* خدمة «واشنطن بوست»