نكتة عالمية

TT

يضحك الإنجليز عندما يقول الأمير ويليام إن طفله المولود حديثا يملك في رأسه شعرا أكثر منه. ويضحك المصريون عندما يستمعون إلى تحوير لأغنية شهيرة من أغنيات عبد الحليم، يبدو فيها الدكتور محمد مرسي وهو يخاطب القائد العام للقوات المسلحة: «يا سيسي أمرك... أمرك يا سيسي». ويضحك الفلسطينيون حين يفوز ابن غزة محمد عساف في مسابقة مشهودة للغناء. ويضحك العراقيون (ولكنه ضحك كالبكا) وهم يرون صورة جورج بوش الأب وقد حلق شعر رأسه تضامنا مع طفل أميركي مصاب باللوكيميا. أما السوريون، فبينهم وبين الفكاهة موعد مؤجل. ولا أعرف ما الذي يُضحك الجزائريين. هل هناك، اليوم، نكتة قادرة على جمع العرب من المحيط إلى الخليج؟

نحن في عصر عولمة المشاعر. نجلس أمام الشاشات الكبيرة والصغيرة، ونرى ما يراه الياباني والأسترالي والكوبي والأوغندي في اللحظة نفسها. لكننا لا ننفعل بالدرجة ذاتها، لأن الانفعالات، حسبما يقول علماء الاجتماع، تختلف حسب البيئة والثقافة والسياق التاريخي. لهذا، نشرت مجلة فرنسية تحقيقا في عددها الأخير، بعنوان: «هل هناك نكتة كونية؟».

أجمل ما في موضوع المجلة صورة لطفلتين أفغانيتين تكركران بالضحك، وكل منهما تغطي ثغرها باليد. متى يحق للبنات، في شرقنا، أن يضحكن بملء أسنانهن ولا يكون سرورهن المعلن عيبا؟

جاء في التحقيق أن باحثين من الجمعية البريطانية للتقدم العلمي أجروا دراسة على 100 ألف شخص من 70 بلدا مختلفا، ألقوا عليهم عشرات الطرائف للتوصل إلى النكتة التي يضحكون لها جميعا. وكانت النتيجة أنهم كلهم استحسنوا حكاية صديقين خرجا للصيد، وأُصيب أحدهما بوعكة أفقدته الوعي، فما كان من الثاني سوى الاتصال بالطوارئ ليقول لهم إن صديقه قد مات. وسأله المتكلم على الطرف الآخر هل هو متأكد من أنه قد مات؟ وطلب المتصل مهلة ليتأكد، ثم سمع المسعف الذي على الخط صوت طلق ناري، وعاد المتصل ليقول: «لقد مات الآن بالتأكيد، فماذا أفعل؟».

شخصيا، لم تنتزع «النكتة الكونية» مني ولا شبح ابتسامة. وهذا يؤكد رأي العلماء المذكور أعلاه في اختلافات ردة الفعل حسب ظروف كل مستمع. يقولون إن المزاج الرائق يخضع لنظرية النسبية، أيضا. مع هذا، أضحك كثيرا لفيض النكات المنطقية و«الطائفية» التي يمطرني بها بريدي الإلكتروني، على الرغم من نفوري الفطري من الطائفية. إنها ليست فكاهات للتسلية، بل سلاح خفيف لمحاربة هذا السرطان الذي يتسلل إلى مجتمعاتنا ويعيدنا إلى زمن الغاب.

نسخر من الطائفيين وأهل المحاصصة، ونداويها بالتي كانت هي الداء.