قضايا للنقاش

TT

لا شك أن المرأة الخليجية والعربية عامة قد قفزت قفزات نوعية، واقتحمت كثيرا من المجالات والوظائف التي كانت مقتصرة على الرجل. فها هي اليوم تتألق في سلم التعليم ليصبح حظها موازيا لحظ الرجل إن لم يكن أكثر، كما أنها تجد حظا طيبا في سلم الحصول على وظائف، بل إنها باتت تشغل مناصب قرار مهمة، فهي سفيرة ووكيلة ووزيرة، وتشغل حيزا لا بأس به في البرلمانات ومجالس الشورى.

ولكنها أمام كل هذا وما نالته من امتيازات، إلا أن هناك قضايا وتعثرات أخرى كثيرة ما زالت تعترضها. من هذه القضايا نذكر أن المرأة العربية والخليجية المتزوجة من أجنبي مثلا لا تزال تعاني من انتقاص حقوقها، رغم أن القوانين لم تميز بين الرجل والمرأة، ولكن كما يبدو الإشكال لا يزال قائما في مسألة التطبيق.

المرأة في مجتمعاتنا الخليجية والعربية على حد سواء على عكس الرجل.. إذ إنها ما إن تقرر الارتباط بأجنبي حتى تقع تحت ضغط أسري وعائلي ومجتمعي وقانوني، وليست كل امرأة قادرة على المجازفة وتحمل نتائج هذا الخيار، ولكنها كما يبدو تدفع الثمن أضعافا مضاعفة عندما تصل إلى نتيجة الطلاق، ويصبح مصير الأبناء في «دفتر مجهول».

قرأت ذات مرة ما نشره مركز دراسات المرأة الذي ناقش موضوع حقوق المواطنة الخليجية، حيث قالت نائبة مجلس الأمة الكويتي الدكتورة معصومة المبارك: «المرأة الكويتية لا تستطيع أن تكفل أبناءها إذا بلغوا سن الـ21، في حين تستطيع أن تكفل خادمتها.. »!

وتكمن المشكلة إذا حدث الطلاق، وإن حدث يصبح الأبناء تحت كفالة الأب، ومن ثم تحت كفالة مؤسسة إذا ما بلغ أطفالها سن الرشد، وهو الـ21 عاما، وغالبا ما تكفل المؤسسة الأبناء أو تبحث الأم عن كفيل آخر.

ولكن أسوأ ما قد يحدث هو أن تضطر المرأة إلى أن تضع كفالة أبنائها تحت اسم خادمة أو سائق، تحايلا على الوضع والقانون!

وفي ما يخص المرأة العمانية المتزوجة من أجنبي مثلا، يحق لها كفالة أبنائها (تحت سن الرشد 18 سنة) فقط في حالة الطلاق والترمل، ولكن بشرط أن توقع تعهدا لدى «الهجرة والجوازات» بالموافقة على التنازل عن حضانة الأبناء متى ما طالب الأب بذلك! أي بإمكانها الحصول على الوصاية فقط عند موافقة الأب أو أسرته في حالة وفاته. الأمر لا يزال ضبابيا في عدد من الأقطار العربية أيضا لعدم توفر إحصاءات واضحة حول ذلك. ولكن يبدو أن المرأة المتزوجة من أجنبي في دولة الإمارات العربية المتحدة حققت انتصارا، وذلك بالقرار الذي أصدره رئيس الدولة بتجنيس الدفعة الأولى من أبناء الإماراتيات، وسيتم تجنيس الدفعة الثانية، وهكذا تباعا.

وهنالك سؤال مهم تطلقه النساء العربيات والخليجيات المتزوجات من أجانب: «لم هذه الإجراءات الطويلة والمبالغ فيها عند طلب المرأة لتصريح الزواج من أجنبي، إذا كانت في النهاية لا تملك أي حقوق سواء لها أو لأبنائها؟».

والجيد في الأمر أن بعض القوانين بدأت تصبح أكثر مرونة في بعض الدول الخليجية في الصحة والتعليم ولكن ثمة مشاكل لا تزال قائمة في ما يتعلق بمسألة التوظيف، والحصول على جنسية.

المشكلة من جهة أخرى تكمن في وجود خلل في كفتي الميزان.. فبينما تكون القوانين ونظرة المجتمع تتساهل كثيرا مع زواج الرجل الخليجي أو العربي ككل بأجنبية رغم نتائج ذلك الإيجابية والسلبية، فإنها تتشدد على المرأة، وتضيق الخناق مما يحدث خلخلة في حقوق الأبناء مستقبلا.. إذ تعيش المرأة الخليجية المتزوجة من أجنبي تحت رهبة حصول أي خلاف بينها وبين زوجها، حيث تخشى على مصير الأبناء الذين ليس لهم سوى إقامة مؤقتة تجدد لهم من حين لآخر، أو ترحيلهم نهائيا مع الأب! لذا ينبغي أن يكون هنالك قانون يلزم بحصول أبناء المرأة المتزوجة بغير الخليجي على الجنسية، ضمانا لحقوق الزوجة والأبناء معا.

وأكاد أجزم أن لغة الأرقام، والإحصاءات الواضحة لزواج الخليجيين بالأجانب وحدها التي ستساهم في إعطاء مؤشرات حقيقية، عبر دراسات جادة، وتحديد حجم الإيجابيات والسلبيات أيضا جراء هذه الزيجات، سواء أكان للنساء أم الرجال.. فللأسف هذه القضية الاجتماعية شديدة الخطورة، وينبغي إيجاد حلول فورية لها، ليس في منطقة الخليج فحسب، بل في كل الأقطار العربية بأسرها.

* كاتبة من عمان