هل انتهى إخوان مصر؟

TT

بعد نجاح الجيش المصري، بدفع من انتفاضة شعبية عارمة، في عزل الرئيس المصري الإخواني محمد مرسي، ومعه جماعته، من حكم مصر، تنفس كثير من المراقبين الصعداء، واطمأنوا إلى عودة مصر إلى هويتها المعروفة عنها.

تلاحظ، خصوصا في الوسط الإقليمي العربي، حالة من الابتهاج، والتفاؤل ببداية انهيار سحر الإخوان ومتفرعاتهم في العالم العربي.

بل إن بعض المبشرين قبل سنتين بإزهار حقول الربيع العربي، يوم كانت مطامع الإخوان مخفية في لحاف الثورة والميادين، عادت إليهم «الروح» ولسان حالهم يقول: نعم لقد كنا على صواب حينما تفاءلنا بأنه ربيع عربي «مدني» لا ربيع أصولي إخواني، وكون الأمر لم يستغرق غير نحو سنة، فهذا ثمن يسير وبرهة عابرة في الزمن.

الحق أنه لا يمكن نفي وجاهة هذا التفاؤل، والإعجاب بسرعة إزاحة الإخوان من عرشهم الذي وصلوا إليه عبر الدعاية الدينية المغلفة بخداع ديمقراطي لبعض الجماعات المدنية الطيبة، ومعها أنصار الديمقراطية اليساريون في الغرب.

لكنني شخصيا لست متفائلا بصحة هذا الاستنتاج والقول بنهاية المعركة مع الإخوان، ومتفرعاتهم.

أظن هذا استنتاجا مستعجلا، فـ«الجماعة» خسرت جولة، جولة صعبة فعلا، لكنهم لم يخسروا كل المواجهة. وهذا التصعيد الذي يقومون به في مصر عبر إحداث فوضى أمنية، وتشويش دعائي شعبي من خلال خطاب داخلي خلاصته: أدركوا الإسلام والشريعة من أعدائها (أي المصريين!). وخطاب خارجي غربي خلاصته: أدركوا الديمقراطية والعملية المدنية من انقلاب العسكر. وأيضا بواسطة تلاوين أخرى في الخطاب، مثلا، مغازلة وإحراج القوى الثورية «الساذجة» عبر تعييرهم بكونهم في صف العسكر والفلول!

بعد نجاح المصريين في عزل حكم الإخوان، نحن أمام حالة «اصطفاف» أصولية كبرى في العالم كله مع جماعة الإخوان في مصر، تجد ذلك مثلا في الناشطة الإسلامية اليمنية (توكل كرمان)، التي منحها الغرب في بداية هوجة الربيع العربي جائزة نوبل، التي هبت لنجدة أشقائها في ميدان رابعة العدوية في القاهرة، لولا منعها من دخول مصر، لتكتفي بعدها بالتهييج ضد خصوم الإخوان في مصر.

ما نهاية هذا الاصطفاف و«النفير» الأصولي العام مع إخوان مصر في العالم الإسلامي، من أنور إبراهيم في ماليزيا إلى طالبان في كابل إلى أردوغان في تركيا إلى إخوان تونس وليبيا؟!

ما نهاية هذا الاصطفاف الذي لم نر بعد منه إلا سطحه الظاهر؟!

نعم خسر إخوان بديع ومرسي والشاطر هذه الجولة.

لكن من المبكر الجزم بأن جماعتهم خسرت المواجهة، لأن المجتمع الذي احتضن هذا الفكر وتفاعل مع هذه الشعارات قبل سنة، إنما غضب على بعض العثرات «الإجرائية» للإخوان، وليس على ثقافة هذه الشعارات، أقلها حتى الآن، فيما يبدو. فليس هذا النوع من التغيير الذي يحدث فقط في سنة.

أرجو أن أكون مخطئا.. لكن أشك!