جماعات التطرف أبناء عم!

TT

ذكرت هنا قبل أيام أن ثمة «نفيرا» أصوليا عالميا لنصرة جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وهذه النصرة تنتظم كل الأطياف الأصولية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وبكل الحجج، من اللهجة المدنية الحضارية، باعتبار ما جرى مجرد انقلاب عسكري، وليس «تفويضا» شعبيا مصريا عارما لإسقاط الإخوان وتكليف الجيش بعزل الإرهاب، إلى اللهجة السياسية التي يفهمها عموم العرب والمسلمين، وزبدتها: الإخوان هم حكم وطني «مقاوم»، من يريد إسقاطهم هم الصهاينة والأميركان وأذنابهما (تهمة العمالة لأميركا متبادلة بين الإخوان وخصومهم!).

آخر النغمات المناصرة للإخوان كانت نغمة أيمن الظواهري.

الظواهري اتهم في تسجيل أخير له الولايات المتحدة الأميركية بـ«تدبير» إسقاط الرئيس المعزول محمد مرسي.

وقال الظواهري، في التسجيل الذي بثته مواقع جهادية، الجمعة، وتبلغ مدته نحو ربع ساعة: «اجتمع الصليبيون والعلمانيون والجيش المتأمرك وفلول مبارك وثلة من المنتسبين للعمل الإسلامي مع المال الخليجي والتدبير الأميركي على إسقاط حكومة محمد مرسي».

وتوعد من وصفهم بالصليبين والعلمانيين ومعهم الأقباط طبعا.. وكل من اصطف ضد مرسي، من المصريين!

الظواهري كان سابقا ينتقد الإخوان انتقادا مريرا ويعتبرهم عبئا على الحركة الإسلامية لأنهم لم يختاروا نهج «الجهاد» المسلح، كما في كتابه الشهير «الحصاد المر للإخوان في ستين عاما». وقد تحول هذا الكتاب إلى مصدر مرجعي، لدى كثير من شباب الحركات الأصولية، في نقد التجربة الإخوانية.

الآن الظواهري يعود وينتصر لهم على مبدأ: أنا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب!

الغريب يصبح هنا كل المصريين الذين ليسوا بإخوان أو من جنود جماعة الجهاد المصرية بقيادة أيمن وأخيه محمد الظواهري، أو الجماعة الإسلامية بقيادة الزمر وعبد الماجد، كل من هو خارج ميدان رابعة فهو «غريب» من «الأغيار».

ضع هذا الأمر، مع الإجراء الأميركي المفاجئ قبل أيام بإغلاق عدة سفارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (21 سفارة) بعد معلومات استخباراتية حديثة كشفتها مصادر لقناة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية تشير إلى أن خلايا «تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، تضع اللمسات الأخيرة لهجمات على أهداف أميركية وغربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ثم ضع هذا الأمر مع اندلاع عمليات الجماعات «الجهادية» الإرهابية في منطقة سيناء بمصر، وتعليق القيادي الإخواني المصري محمد البلتاجي على إرهاب سيناء، من ميدان رابعة العدوية قائلا ما خلاصته: لن يتوقف الإرهاب في سيناء حتى يعود الرئيس مرسي للرئاسة، والتسجيل بالصوت والصورة موجود على موقع «يوتيوب».

هل تملك بعد ضم هذه الصور لبعضها بعضا مقاومة أن ترى الصورة الحقيقية لهذه الجماعات. وأن الخلاف بينها ليس في «جوهر» الأهداف، ومحتوى الفكر، بل في «أساليب» التطبيق. كلهم إخوان وأبناء عمومة. والباقي، كل الباقي، هم الغرباء!