تهديد تنظيم القاعدة من صنع الولايات المتحدة

TT

إذا كان تنظيم القاعدة الجديد اللامركزي يمثل تهديدا خطيرا إلى حد أن تسع عشرة سفارة وقنصلية وموقعا دبلوماسيا أميركيا آخر اضطرت لوقف عملها لمدة أسبوع، فإن هذا يعني أن لدينا عقدا من السياسة الأميركية المضللة التي يجب أن نلقي اللوم عليها.

لعب الربيع العربي دورا في هذا من خلال إحداث فجوات في السلطة يمكن أن تستغلها العناصر الجهادية المسلحة المعادية للغرب. غير أن عملية اتخاذ قرارات ضيقة الأفق في واشنطن لعبت دورا كبيرا بشكل واضح للعيان - وفيما آمل أن نصبح أكثر ذكاء، تحدوني شكوك.

حاز قرار أوباما الأمر بإغلاق مواقع دبلوماسية تابعة للولايات المتحدة في معظم أجزاء العالم الإسلامي دعما نادرا من الحزبين في البرلمان، مع تسليط مشرعين في لجان الاستخبارات التابعة لمجلسي النواب والشيوخ الضوء على خطورة التهديد. لقد وصفه السيناتور ساكسبي تشامبليس (الجمهوري عن ولاية جورجيا) قائلا: «إنه الأخطر منذ سنوات عديدة». وقال مايكل ماكول (الجمهوري عن ولاية تكساس) إن «دعوة الإدارة لإغلاق هذه السفارات كانت دعوة ذكية جدا بالفعل».

من الصعب الجدال بحذر احترازي. ومع ذلك، فإنه ليس سهلا، في الوقت نفسه، فهم درجة القلق التي ينبغي أن نكون عليها.

الآن وقد انهار تنظيم القاعدة الذي كان يتخذ من أفغانستان مقرا له في السابق، نسمع بشكل متكرر أخبارا عن شخص يوصف بأنه ملازم بتنظيم القاعدة قتل بفعل قذيفة أطلقتها طائرة من دون طيار من على بعد. ثمة انفصال بين هذه النجاحات والحاجة لإغلاق عدد هائل من المنشآت الأميركية - مع توجيه تحذير عام للمسافرين - خوفا من وقوع هجوم آخر.

الحقيقة أن السياسة الخارجية الأميركية ساهمت في إنشاء تنظيم القاعدة اللامركزي، الذي يحاول أحد أفرعه شن هجمة من نوع ما.

كان أكثر القرارات المصيرية، وأكبر الأخطاء الاستراتيجية، قرار غزو العراق. إن الحظ العثر لجورج بوش الابن صرف الموارد والانتباه عن الحرب في أفغانستان، مانحا راحة مؤقتة لحركة طالبان. علاوة على ذلك، فقد وفرت حرب العراق نقاط تركيز جديدة لشكاوى ومظالم العناصر الجهادية - على سبيل المثال، سجن أبو غريب - وبثت حياة جيدة في النزاع المحتدم بين السنة والشيعة.

رسخ تنظيم القاعدة جذورا في العراق الفوضوي، وفعل الشيء نفسه في اليمن غير الخاضع للقانون الذي يعد مقرا لـ«فرع» لتنظيم القاعدة مسؤول عن حالة الذعر الحالية. فيما يحتمل أن يكون تنظيم القاعدة الأصلي ساكنا، إلا أن قادته الأحياء المختبئين في أفغانستان أو باكستان، والجماعات الإرهابية التي تحمل الاسم نفسه، تبذل قصارى جهدها في سبيل مواصلة القتال.

اكتشف بوش أولا، ثم أوباما، وسيلة الطائرات من دون طيار التي تطلق عن بعد كأدوات حرب. لقد شن أوباما حملة ترقى إلى مستوى حملة اغتيالات مستهدفة، تقضي على صفوف أفرع تنظيم القاعدة المتعددة. وتنطوي هذه الاستراتيجية على الميزة الواضحة الممثلة في عدم تعريض حياة الأميركيين للخطر. لكن الضرر الإضافي الحتمي - الممثل في مقتل مدنيين وتدمير البنية التحتية - يساعد في تجنيد أعضاء جدد في تنظيم القاعدة.

لقد هيأ الربيع العربي الفرصة للعناصر الجهادية عبر أنحاء المنطقة. هناك فرع نشط لتنظيم القاعدة الآن في ليبيا، حيث شن مسلحون هجوما على القنصلية الأميركية في بنغازي في عام 2012.

هناك فرع لتنظيم القاعدة غزا شمال مالي لفترة وجيزة قبل أن يتم إجلاؤه من قبل تدخل فرنسي. وهناك فرع يقاتل نظام بشار الأسد في الحرب الأهلية السورية.

وعلى نحو يسبب له المتاعب، بدأ أوباما يدرك أنه لا عمل طيبا يقابل بمكافأة. على سبيل المثال، في مصر، لا يتفق الطرفان على أي شيء تقريبا خلاف شعورهما المشترك بأنهما قد وقعا ضحية لخداع من جانب الولايات المتحدة.

رأيي فيما يتعلق بسياسات أوباما ليس أن الرئيس قد بذل قصارى جهده من أجل إنهاء «الحرب على الإرهاب»، مثلما يزعم الصقور. إنما لم يبذل الجهد الكافي ليخلف وراء ظهره استعارة «الحرب» بوصفها غير مناسبة لصراع يعتبر آيديولوجيا بالأساس.

ينبغي أن نفكر على أساس المشاركة لا التدخل. علينا أن ننفق المزيد من الأموال على استعراض «القوة الناعمة» وتقليل استعراض القوة العسكرية. يجب أن ندرك أنه ليس بالضرورة أن تقولب بقية دول العالم نفسها وفقا لأهوائنا. ويتحتم أن يتمثل هدفنا في تقليل عدد الإرهابيين المعادين لأميركا في العالم، لا زيادته. يبدو أن تنظيم القاعدة أشبه بزئبق. اضربه بمطرقة، وسوف ينتهي بك الحال إلى 10 نقاط صغيرة بدلا من نقطة واحدة كبيرة.

* خدمة «واشنطن بوست»