لماذا تتشابه الخيول؟

TT

«عالم صوفيا» مجموعة دروس متخيلة في الفلسفة والحياة للكاتب النرويجي جوستين غاردر. دروس متفرقة، مبسطة، في قالب روائي. في أحد فصوله تحلم صوفيا أنها في أثينا، وأنها التقت سقراط وتلميذه أفلاطون. يتحدث إليها أفلاطون ثم يطرح عليها أربعة أسئلة: لماذا جميع الخيول متشابهة؟

إذا كنت قد رأيت الخيول في «المدرسة الإسبانية» في فيينا، أو في مرابي الخيول العربية في البحرين، فسوف تشكر الله على أن هذه المخلوقات النبيلة متشابهة. وأنت في أي حال كنت قد شكرته تعالى على نعمته بأنه لا يخلق من شبه الناس غير أربعين، فهو فوق كل ذي علم عليم.

اختار «أفلاطون» أن يعطي إلى صوفيا الخيول مثالا. لكن معظم أجناس المخلوقات متشابهة: الأفيال والأسود ووحيد القرن و«المحللون السياسيون». والاختلاف الوحيد في كائنات الفئة الأخيرة، إن بعضها يحلل اللكم والبعض الآخر يحلل الضرب. الشتم ليس في حاجة إلى تحليل.

قليلة يا صوفيا هي المخلوقات المفترسة. هل تعرفين كائنا يعبر المحيطات لكي يقتل؟ هل تعرفين حيوانا «يحتال» سوى هذا المسكين «أبا الحصين» من أجل دجاجة أو عنقود عنب؟ هل هناك «مادوف» آخر في الغابة؟ يستحيل. هل تعرفين حيوانا بخيلا ولد ليقتر على نفسه لا ليعيش؟

علمك «ديموقريطس» في حلم آخر في أثينا كيف اكتشفت الذرة منذ آلاف السنين. وقال لك إن لها أشكالا مختلفة وليست دائرية كما تعتقدين، لكنه لم يقل لك إن الإنسان رأى في تفجير الذرة وسيلة لتفجير الآخرين وتبريد الأرض وجعله كوكبا غير قابل للحياة. هل رأيت حيوانا يستخدم السلاح الكيماوي؟ هل رأيت كائنا يلاكم محاوره على التلفزيون؟ طبعا لن ترى ذلك في النرويج مهما بلغ بك الفضول وطال بك الانتظار. وإذا أخبرتك أننا نتلاكم في «الحوارات» سوف يخيل إليك أنني أتحدث عن القرون الوسطى، ولكن هذا على وجه الضبط ما أتحدث عنه يا عزيزتي صوفيا، فنحن لا نزال في بداياتها. وقد استعرنا من القرن الحالي التلفزيون والإنترنت والنقال وسلمناها إلى المحللين السياسيين. لكن ليس قبل أن نعيد تأهيلها. تأكدنا من أن كل شيء يجري على ساعة القرن السادس وأن كل شيء يتم في العتم والظلام وأن أيا من عقربي الساعة لن يتحرك، وإذا تحرك فجرناه بحزام ناسف. أو أرسلنا في إثره محللا سياسيا مزودا كل القبضات.