مطارات ليست كالمطارات!

TT

من أهم أوجه الصراع الاقتصادي الموجود عالميا اليوم بين الأمم والدول صراع خفي لا ينال نفس القدر من الاهتمام الإعلامي كغيره من الأخبار الأخرى، وهو الصراع على مكانة أكبر مطار جوي في العالم.

فاليوم يمر مطار هيثرو الدولي الموجود في العاصمة البريطانية لندن بمرحلة دقيقة أشبه بمفترق الطرق، فهو بحاجة ماسة للتوسع وإضافة مهبط ثالث لمواجهة الضغوط عليه للاستمرار في البقاء على مقدمة مطارات أوروبا، ولكن يبدو التوسع في المكان الحالي سيكون معوقا وصعبا ومكلفا ليخرج اقتراح آخر بنقل المطار برمته وكله إلى موقع جديد تماما في شرق لندن مع وجود رأي يدافع بقوة عن إنشاء المهبط المطلوب في نفس الموقع الحالي نظرا لوجود بنية تحتية متكاملة لا يمكن تكرار نجاحها بنفس السهولة ولا بالفعالية ذاتها. وفتح المهبط الثالث ليس بالمسألة الجديدة، فهي مصدر بحث لحكومات متتالية ومنذ أن فتح المهبط الثاني في عام 1946 إلا أن التردد كان سيد الموقف في كل الحالات والمواقف.

مطار هيثرو الذي بدأ كمهبط زراعي مؤقت في عام 1930 ليتحول إلى أهم مطار في العالم ويستقبل سنويا أكثر من 70 مليون راكب ويكون بالتالي بوصلة ومقصد كل شركات الطيران العالمية. وهيثرو يحتاج لأن يتطور وخصوصا مع وجود خطط طموحة جدا في مدن أوروبية مهمة، وخصوصا أمستردام وفرانكفورت وغيرهما، تسعى لتوسيع مطاراتها واعتمدت مشاريع جبارة لتوسيع مطاراتها وتلبية احتياجات التنافسية المطلوبة.

والتحدي الكبير هذا ليس مقتصرا على الساحة الأوروبية فقط، فهذا التنافس المحموم وصل لدول الخليج العربي التي لها مشاريع مهمة تسعى لتوسعة مطاراتها؛ فأبوظبي تسعى الآن لبناء مبنى جديد بقيمة ثلاثة مليارات دولار لتزيد سعة المطار الحالي بشكل فعال، وفي الدوحة شارف مطارها الجديد على الاكتمال بشكل نهائي، وهو المشروع الذي كلف 15 مليار دولار ويتوقع أن يستوعب 28 مليون مسافر سنويا سيضاف إليها مجمع تجاري وسكني عملاق مجاور للمطار، وفي دبي التي لديها حاليا واحد من أكبر المطارات الدولية وأهمها ستسعى الإمارة الصغيرة إلى إنشاء مطار جديد ليكون الأكبر بلا استثناء عالميا ليستوعب 150 مليون مسافر سنويا وليكون على مساحة 54 ميلا مربعا في مدينة داخل مدينة، مع عدم إغفال ذكر المشروع الطموح جدا لدى إسطنبول في تركيا التي تسعى لتأسيس مطار جديد ليكون الأكبر عالميا.

وهذا كله مع عدم التقليل من أهمية مطارات هونغ كونغ وسنغافورة وطوكيو وسيول وكوالالمبور في القارة الآسيوية، ناهيك بالصين وطموحات توسعة المطارات الموجودة لديها وهي كثيرة جدا.

مطارات قديمة وعريقة مثل باريس ونيويورك خرجت من اللعبة الدولية لصالح مطارات جديدة. في عالم المطارات هناك أسواق ناشئة وأخرى قديمة، والمطار لم يعد مجرد مكان تصل إليه شركات الطيران ولكنه واجهة صناعية وخدمية واقتصادية بامتياز يعبر عن البلد وخططه وتوجهاته ومستقبله وأسلوب إدارته ورؤيته للمستقبل.

سباق المطارات الدولية سباق ممتع وجديد وتبقى الغلبة فيه لمن لديه الإصرار والإرادة على التفكير والتنفيذ بأسلوب مختلف ومتحدٍ للمعيقات.