يا دارنا.. مالك علينا لوم

TT

ليس حديثا سياسيا، ولا تعليقا على الراهن من فصول المأساة الشامية.

هو تذكر وتفكر، وقوف على الأطلال، ومناجاة للرسوم.

قديما قال لنا نزيل حلب، وابن الكوفة، الشاعر المتنبي:

أعز مكان في الدنى سرج سابح...

والآن لو شاهد ابن عيدان السقا، ما يجري في ريف حلب، الذي تمشى فيه، رفقة ممدوحه سيف الدولة، وسيد حلب. لبكى وقال:

بليت بلى الأطلال إن لم أقف بها - وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه

شام شريف، شام أسيف، شام دام ودامع، لا نور يلمع في حندس الظلام، ولا ماء يروى العطاشى، ولا آس يداوي الثكالى والأيامى. لا حروف في كتاب الشام الآن إلا من رماد وفحم، ودموع وجروح.. نعم نسيت رائعة الإبداع الأسدي: البراميل المتفجرة، التي تشعل بعقب سيجارة جندي يبتسم ببلاهة فوق مروحية صماء. الحزن الشامي، والحنين لجلق والشهباء والنواعير وبردى وجبل العرب، راسخ رسوخ باب توما وقلعة حلب وجامع بني أمية.

الظلم والقسوة والنفي والملاحقة، كما الجمال والتفاح والياسمين، وحجارة الأزقة العتيقة، كلها تجري في شرايين الشام، وتتجاور. كما الليل والنهار.

حب الوطن، والشوق لمرابع الصبا، أقدم أغنية إنسانية، حتى لو كان الوطن بلا ألوان ولا إيوان، فكيف بالشوق إلى دمشق التاريخ، وحلب التنوع والتجارة والعلم و.. القدود!؟

ما زال راسخا في محفوظي الشعري ما قاله أديب وشاعر دمشقي مرهف، يتوجع على الشام، ويتذكرها، رغم حسن المنلقب الذي لاقاه في كنف سيد الجزيرة العربية الملك عبد العزيز. عنيت الوزير والشاعر والمؤرخ السوري - السعودي، خير الدين الزركلي. في قصيدته التي وسمها بـ«نجوى»

تنهد فكان مما قال:

العين بعد فراقها الوطنا - لا ساكنا ألفت ولا سكنا

يا موطنا عبث الزمان به - من ذا الذي أغرى بك الزمنا

إن الغريب معذب أبد - إن حل لم ينعم وإن ظعنا

نفس الألم، نفس الوجع، نفس «المحتل» سواء كان فرنسيا أو إنجليزيا، أو سوريا يعامل أهله معاملة الأعداء ويلقي على من بقي في الداخل براميل البارود، ويخصص لمن هم في الخارج فرق الاغتيال، كما كشف، مؤخرا (كمال اللبواني) عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري، في مؤتمر صحافي بالعاصمة الأردنية عن ضبط «فرق اغتيال» أرسلها النظام السوري لتصفية شخصيات سورية معارضة في عدد من الدول العربية والغربية بما فيها الأردن.

في الثورة السورية الكبرى، وحول شخصية رمز من رموزها، وهو سلطان باشا الأطرش، قال شاعر «عامي» درزي - مقتبسا من شاعر نجدي قبله يلوم من خان الدار:

يادارنا مالك علينا لوم - لا تعتبي لومك على من خان