دروس وعبر من سقوط الإخوان!

TT

تتأثر دول الخليج العربي بما يدور في محيطها العربي من أحداث وخاصة السياسية منها، وهناك شواهد كثيرة تدل على ذلك، ومنها على سبيل المثال لا الحصر عندما حاولت بعض القوى الراديكالية الدينية الموالية لإيران استغلال ما سمي «الربيع العربي» والدخول على الخط للقيام بمحاولة انقلابية على نظام الحكم في البحرين عام 2011. على غرار ما حدث في بعض الدول العربية.

وعندما وصل الإخوان المسلمون إلى السلطة في مصر أصبحت الشكوك تراود دول الخليج العربي بأن هناك خطرا جديدا أخذ يهدد أمنها القومي يتمثل في الأحزاب الإسلاموية وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمون التي لها وجود كبير في هذه الدول والتي تتظاهر بتحالفها مع أنظمة الحكم في دول الخليج العربي بينما هي في الواقع لها أهداف بعيدة المدى، وما الجماعات الإخوانية التي تم القبض عليها في بعض الدول العربية والاتهام الذي وجه لها إلا أكبر دليل على ذلك، وتبعها الاتهامات المتبادلة التي تمت عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

ومصدر القلق الخليجي من الخطر الإخواني جاء بعد التطورات التي حدثت بمصر خاصة أنها هي الدولة التي ولد فيها هذا التنظيم على يد المؤسس حسن البنا ووجود هذا التنظيم على رأس السلطة فيها يعطي دعما قويا لجماعاتهم في الدول العربية ومنها دول الخليج. ومما زاد من هذا التخوف ومن انعكاسات ما حدث في مصر على أمنها القومي هو أن أول زيارة قام بها الرئيس المعزول محمد مرسي كانت لإيران وهذا ما أثار شكوك دول المنطقة بإمكانية قيام تحالف إخواني إيراني يشكل خطرا على المنطقة كلها. كل هذه الشكوك ليست ببعيدة وخاصة أن الإخوان لهم تطلعاتهم في قيام حكومة إسلامية تحكم مصر والعالم العربي بفكرهم ويعتبرون أن الدول التي يوجدون فيها تحكمها أنظمة غير إسلامية، ومن يرجع إلى كتاب سيد قطب وهو بعنوان «معالم الطريق» يجد هذه الحقيقة مؤكدة فهو يذهب إلى أن المجتمع القائم هو مجتمع جاهلي، وأنه لا بد من تغيير هذا المجتمع بكافة الوسائل ومنها العنف وما الأحداث التي وقعت في ذلك الوقت في مصر إلا دليل على ذلك ومنها المحاولات التي قام بها الإخوان في مصر في الستينات.

ولو رجعنا إلى التاريخ لنجد أن نشأة جماعات الإخوان في دول الخليج العربي بدأ بنشاطها بالعمل الاجتماعي والتوعوي ثم تحولت بعد ذلك بأن أصبح لها نشاط سياسي، ولقد تمكنت هذه الجماعات من أن يكون لها نفوذ لفترة طويلة من الزمن وكذلك أصبح لها نفوذها في الأجهزة الحكومية وغير الحكومية والجامعات، وهناك زيارات متبادلة باعتبار مصر تمثل مركز الأحزاب الإخوانية في الوطن العربي.

ومن ناحية أخرى حظيت حركة الإخوان المسلمين بمساحة من حرية التعبير والحركة في بعض دول الخليج العربية، وذلك ظنا من هذه الدول بأنها حركة دينية تعمل على الإصلاح في المجتمع وذلك لا اعتراض عليه، ولكن التخوف الذي بدأت تشعر به دول المنطقة هو أن يكون لهذه الأحزاب خطرها في المستقبل، ولذا بدأت دول الخليج العربي تضع في أجندتها هذا الخطر الذي يهددها، ولذلك سارعت دول الخليج إلى إبرام اتفاق أمني صدر من دول مجلس التعاون الخليجي يفضي إلى التعامل مع كل من يشتبه من العاملين في هذه الدول وجاء في سياق هذا الاتفاق الأمني «إن دول مجلس التعاون أعدت خطة استباقية لحصر أسماء الوافدين... تمهيدا لإبعادهم عن دول المجلس».

وزاد الاحتقان في العلاقة بين دول الخليج العربي وجماعات الإخوان الخليجية بعد عزل الرئيس، ولذا فإن شهر العسل بين الإخوان المسلمين في دول الخليج العربي وأنظمتها السياسية قد انتهى.