كيف أضرت فضيحة دائرة ضريبة الدخل بالأمن القومي

TT

عندما وصف الرئيس باراك أوباما الاستهداف السياسي الذي قامت به دائرة ضريبة الدخل لمنتقديه من المحافظين بـ«الفضيحة الخيالية»، كان بذلك يقوض الأمن القومي. وهذا الأسبوع، كان لدينا تذكير اقشعرت له الأبدان حول حقيقة استمرار تهديد تنظيم القاعدة، عندما أصدرت الحكومة تحذيرا بالإرهاب على مستوى العالم دفعها إلى إغلاق سفاراتها عبر العالم، حيث أشارت التقارير إلى أن الهجوم الإرهابي الرئيس ربما يكون وشيكا، إثر اعتراض محادثة بين قادة في «القاعدة».

من الذي استمع إلى تلك المحادثة؟ وكالة الأمن القومي. لكن ممثلي البيت الأبيض جردوا الوكالة من إحدى أهم أدوات مراقبة الإرهاب. فقد رفض الإجراء بفارق سبعة أصوات - بفضل تراجع الدعم الشعبي لأنشطة وكالة الاستخبارات القومية.

هذا التراجع إنما هو نتيجة مباشرة للتراجع في الثقة الشعبية التي حدثت في حقبة أوباما. فقد أظهرت استطلاعات الرأي اعتقاد الأميركيين للمرة الأولى أن أوباما أنه «أمين وجدير بالثقة» ـ انخفاض تسع نقاط في الثقة منذ مايو (آيار)، وانخفاض بـ27 نقطة منذ تولي أوباما الرئاسة، علاوة على ذلك يقول غالبية الأميركيين إن فضيحة دائرة ضريبة الداخل قد جعلتهم يتشككون في صدق إدارة أوباما ونزاهتها. هذه كارثة للأمن القومي، إذ يجب أن تظل أنشطة وكالة الأمن القومي، بحسب طبيعتها، سرية - وهو ما يعني أنهم يطلبون ميثاق ثقة أساسيا بين الشعب والحكومة. لقد كسرت إدارة أوباما ميثاق الثقة. ولا عجب إذاً في عدم ثقة الكثير من الأميركيين بتصريح مسؤولي إدارة أوباما بأن وكالة الأمن القومي لا تراقب محتوى رسائل البريد الإلكتروني والاتصالات.

لا توجد أدلة على أن أي فرد في وكالة الأمن القومي قد قام عن عمد وبصورة غير لائقة بتفتيش سجلات المواطنين الأميركيين، حتى أن إدوارد سنودن مسرب وكالة الأمن القومي لم يقدم أي دليل على أن مسؤولي وكالة الأمن القومي قد انتهكوا السلطة التي منحت لهم من قبل الكونغرس والمحاكم الفيدرالية. لكن عندما أوضح مسؤولو وكالة الأمن القومي أنه سيكون من غير القانوني بالنسبة لهم مراقبة محتوى اتصالات ورسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالأميركيين، رد الكثيرون بأنه من غير القانوني أيضا أن تقوم دائرة ضريبة الدخل باستهداف المنظمات المحافظة.

لم تكن انتهاكات دائرة ضريبة الدخل هي ما قوضت الثقة. ويرى الكثير من الأميركيين أن فضيحة دائرة ضريبة الدخل رمزا لإدارة ينعدم فيها القانون على نحو متزايد.

وكالة الأمن القومي لا تتجسس بطبيعة الحال على الأميركيين، بل هي تتجسس على تنظيم القاعدة. وذات المحللين الذين جرت شيطنتهم في الأسابيع الأخيرة على أنهم يشكلون تهديدا للحريات المدنية في البلاد أعطونا إنذارا مسبقا لواحد من «أكثر التهديدات ذات المصداقية» منذ أحداث سبتمبر 2011 الإرهابية.

أنهم غير مهتمين بمحادثات المواطنين الأميركيين الذين يلتزمون القانون. الاتصالات المحلية التي تهمهم فقط هي تلك المكالمات التي يجريها قادة تنظيم القاعدة في الخارج الذين يتحدثون إلى العناصر الإرهابية الموجودين على الأراضي الأميركية. إذا كانت هذه المحادثات تجري، فنحن في حاجة إليها لمعرفة شخصيات هؤلاء الإرهابيين، ومكان وماهية الخطة، وهي لا تستطيع أن تفعل ذلك من دون برنامج وكالة الأمن القومي.

* خدمة «واشنطن بوست»