إنها تغرد خارج السرب

TT

لقد أثبت ما تقوم به جمعيات الإسلام السياسي في بعض البلدان العربية، أنها جمعيات تسعى إلى تقويض استقرار هذه البلدان، وتنفيذ أجندات غريبة عن طبيعة شعوب هذه الدول وثقافتها وأوضاعها الاجتماعية.

منذ أن جرى وأد الفتنة في البحرين التي وقعت في بداية عام 2011 والجماعات الدينية المتطرفة الموالية لإيران التي كانت تقف وراء هذه الفتنة تحاول تأزيم الوضع الأمني والسياسي الداخلي في البحرين من خلال أعمال العنف والشغب والتخريب التي تقوم بها في مناطق مختلفة من البحرين في مقابل ضبط النفس الذي تلتزم به السلطات الأمنية في البحرين، والتي لن تفت في عضدها، بل تزيدها تصميما على فرض النظام والاستقرار. ولعل آخر تلك الصيحات المستوردة التي خرجت بها هذه الجماعات وأعلنت عنها هي نيتها القيام بحركة تمرد في تاريخ 14 أغسطس (آب) وما لبثت وسائل الإعلام الخارجية أن تناقلت الخبر، ولذا أوجدت في البحرين هذه الدعوة حالة من القلق عند المواطنين في البحرين خاصة أن شعب البحرين مسالم يرفض العنف وضد الإرهاب والتجربة المريرة التي مر بها ما زالت عالقة في ذاكرة المواطن البحريني، ولذلك ظل الكل يترقب الوضع ماذا سيكون عليه، وبحكم أن البحرين دولة صغير المساحة وقليلة السكان، يبدو أن هناك من ينفخ في النار سواء في الداخل أو الخارج حيث أوردت وكالة الأنباء الفارسية وخاصة في يوم 14 أغسطس أخبارا من نسج خيالها عن أمور لم تحدث في البحرين بتاتا.

ولكن الملمين بالوضع في البحرين يعلمون تماما أن هذه الجمعيات المتطرفة لا تستطيع أن تحقق أغراضها في زعزعة الاستقرار، وأنها عند شعب البحرين أصبحت تغرد خارج السرب ليس فقط بسبب أن عدد سكان البحرين لا يتجاوز مليونا ولكن بسبب أن هناك أعضاء من هذه الجمعيات انشقوا عنها، وجماهيرها أصبحت على وعي بأهدافها البعيدة في زعزعة الاستقرار، وأنها ليست في سبيل الإصلاح الذي ينشده الجميع ويسعون إليه.

الدرس الذي يمكن أن نخرج به أن الجماعات الدينية المتطرفة التي أقحمت نفسها فيما سمي بـ«الربيع العربي» قد أساءت إلى سمعة أغلب الشعوب العربية، لأنها سلكت طريق العنف لتحقيق أجندتها وعلى الرغم من أن ما قامت به هذه الجمعيات في البحرين لا يمكن أن نعده من مثل ما حدث في بعض الدول العربية، فإنه يبقى في النهاية القول إن الجماعات الإسلاموية التي تمارس العنف وانخرطت في العمل السياسي قد كشفت القناع عن وجهها وعن أهدافها الحقيقية المتمثلة في تأجيج الطائفية وجر المجتمع العربي إلى حروب أهلية لا يستفيد منها أحد سواء في البحرين أو مصر أو تونس أو أي دولة عربية أخرى، وما قام به الإخوان في مصر بعد فض اعتصامهم من أعمال عنف وحرق هو أكبر دليل على ذلك ولا عزاء للإرهابيين.