الأعور الغربي بين سوريا ومصر

TT

إذا كنت ممن يريد استخدام عقله جيدا، ربما عليك أن تتقاعد من هذا المهمة هذه الأيام!

هناك حالة سيلان عام، وفوضى، وتخبط، وقول الشيء ونقيضه.

وزير الخارجية السعودي وفي تساؤل مشروع وخطير حول هجمة الغرب على مصر نصرة للإخوان، قال قبل أمس لوكالة الأنباء السعودية: «إننا نرى اليوم للأسف الشديد مواقف دولية أخذت مسارا غريبا في تجاهل هذه الحقائق الدامغة وركزت على مبادئ عامة وكأنها تريد التغطية على ما يقوم به هؤلاء المناوئون من جرائم وحرق لمصر وقتل لشعبها الآمن، بل ويشجع هذه الأطراف على التمادي في هذه الممارسات».

ثم يصل إلى جوهر الاستغراب: «للأسف الشديد إننا نرى أن الموقف الدولي تجاه الأحداث الجارية في مصر يتعارض مع مواقفها تجاه الأحداث في سوريا، فأين الحرص على حقوق الإنسان وحرمة دمه والمذابح التي تجري كل يوم في سوريا والتي أدت إلى قتل أكثر من مائة ألف سوري ودمرت سوريا بأكملها دون أن نسمع همسة واحدة من المجتمع الدولي الذي يتشدق بحقوق الإنسان حسب ما تقضي به مصالحه وأهواؤه؟». مأساة سوريا تجاوزت أكثر من سنتين، أمام العالم، وحسب تقارير دولية متعددة، فإنه قد تجاوز عدد القتلى الذين لقوا حتفهم في سوريا منذ بدء الصراع في منتصف مارس (آذار) 2011 مائة ألف قتيل، غالبيتهم من المدنيين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وبين المدنيين 5144 طفلا و3330 امرأة. فضلا عما يناهز عشرة آلاف معتقل موثق، وأكثر منهم بكثير من المفقودين. أما عدد اللاجئين السوريين الذين تناثروا في المنافي، فحسب آخر تقرير، نشر في أغسطس (آب) الحالي، فقد ناهز المليوني شخص، يوجد ثلثاهم في لبنان والأردن، بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

أما الخراب الذي تعرض له الإرث الحضاري العريق للبلاد السورية فقد دقت كل الجهات المعنية حوله جرس الخطر، فحسب صحيفة «الإندبندنت» فإن اليونيسكو حذرت من تعرض الآثار الثقافية العظيمة في سوريا لخطر محدق إثر الحرب الأهلية الدائرة هناك، حيث أشارت إلى أن منطقة السوق الأثرية في حلب قد احترقت تماما، وأن القتال العنيف أضر بمسجد بني أمية الذي بني في الفترة ما بين القرن الـ8 والقرن الـ13، الذي يعتقد أنه يحتوي رفات يوحنا المعمدان، وغير ذلك من معالم التاريخ، الإسلامية والمسيحية، وما قبلهما. قارن هذا الدمار وهذا الخراب، وهذا الاغتصاب لأبجديات حقوق الإنسان في سوريا، بالتصرف الغربي البارد والرخو تجاه هذه الانتهاكات الصارخة، ثم قارن بهذه الهبة العنترية والتضخيم والتهويل ضد قيام الحكومة المصرية بمواجهة الفوضى بقوة القانون، وبتفويض شعبي يراه الأعمى، وبالحد الأدنى من المواجهة. كيف نفهم الرخاوة في سوريا، والشدة في مصر؟!

هنا حفرة الحيرة.

[email protected]