وقت الرجال!

TT

ليس من المهم أن تفعل الشيء الذي تطبل وترقص له الجماهير، ولكن المهم أن تقوم بعمل ما هو صواب، هذه القاعدة الأساسية في تقييم قرارات القائد وأفعاله وتوقيت كل هذا الأمر.

وهذا تماما ينطبق على ما قام به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بقراراته الداعمة للحكومة والشعب المصري وهي تواجه حربا مفتوحة على الإرهاب.. حربا معلنة يستعان فيها بقوى الشر السفلية من العصابات الإرهابية المارقة.

السعودية، وعلى لسان ملكها، أقدمت على خطوة فيها الكثير من المجازفة السياسية في وجه المجتمع الدولي، ولكنها البلد الذي فيه قبلة المسلمين والبلد صاحب الثقل الاقتصادي غير العادي وكذلك مكانتها السياسية الاستثنائية في المنطقة، وهي بهذه الخطوة الجريئة قررت توضيح موقفها بشكل جلي في ما يحصل بمصر وتأكيد دعمها للحكومة المصرية، وتعريف ما تقوم به الحكومة المصرية للعالم بأنه حرب صريحة على الإرهاب، والسعودية قادرة على أن تعرف ذلك الأمر تماما لأنها عانت مر المعاناة منه ولا تزال، فهي تدرك أن الحرب على الإرهاب خطيرة، وإذا لم يجرِ التعامل معها بجدية وتوحيد الجهود والصفوف فإن عواقب ذلك ستكون وخيمة وخطيرة.

السعودية تضع ثقلها بشكل غير مسبوق وتتحرك مع الدول العربية والإسلامية والدولية لإحداث نوع من الحراك والتكتل الدبلوماسي الاستباقي تحسبا لأي حراك «غير بريء» يعتزم التضييق على مصر وخنق البلاد بعقوبات وتصنيفات وتهديدات عشوائية ومتنوعة.

سقوط مصر مسألة بالغة الخطورة والدلالة، ليس على نفسها فقط ولكن على المنطقة ككل، والحكمة السياسية السعودية كانت دوما ما تدرك ذلك حتى في أحلك الظروف صعوبة وحتى في أصعب الخلافات السياسية والاقتصادية بين البلدين، مثل ما حدث في قمة الخرطوم بين الملك الراحل فيصل والرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، التي قام فيها الملك فيصل باحتواء الرئيس المصري والتفكير بالحكمة العميقة والتغاضي التام والكبير عن كل الإساءات لأجل العلاقة مع مصر، لأنه أدرك أن العلاقة «الكبرى» بين السعودية ومصر هي علاقة دول وشعوب وليس علاقة شخصية بين زعيمين.

واليوم على نهج الملك الراحل العظيم فيصل بن عبد العزيز يقدم خادم الحرمين الشريفين مثالا عظيما على القيادة والقرار الشجاع وسط الأزمات. السعودية تقطع الطريق على من يريد خنق مصر وإغراقها في أوحال الفتنة ودعوة التدخل الأجنبي بالعقوبات والحجر على مواردها وقناة السويس وغيرها من العقوبات التي فيها تركيع وكسر لمصر. السعودية تدرك حجم «الصورة الكبيرة» لما يحدث بمصر وأن هناك «سيولة» في الحراك الإرهابي يوجه للبلد العربي الأكبر لضرب جيشه وزعزعة حدوده وإفلاسه، ولذلك كان الحراك مطلوبا على وجه السرعة، وانطلقت السعودية في اتجاهات مختلفة، منها الدعم المالي والاقتصادي والإنساني والمعنوي والسياسي والدبلوماسي، وكأنها بذلك أطلقت شرارة لتتبعها دول عربية مهمة أخرى، فها هي الإمارات العربية المتحدة وكذلك الكويت والبحرين والأردن والمغرب جميعها تقف بشكل موحد لدعم الموقف المصري في مواجهة الإرهاب وضغط بعض أطراف المجتمع الدولي الذي يتحرك في مسألة الشأن المصري بشكل غريب، وخصوصا المقارنة الغربية مع المسألة السورية التي يوجد فيها نظام يقتل شعبه ولا تزال هناك «شبهة» استخدامه للسلاح الكيماوي و«شكوك» حول المعارضة السورية. مصر تتعرض لحرب مفتوحة دخلت عليها قوى لن ترحم دولة ولا شعبا ولا تفرق بين البريء والمدان لأنها موجهة للتخريب والترهيب. أعلام «القاعدة» وصلت إلى قلب القاهرة، وأرتال جثث الجنود المصريين أصبحت ظاهرة اعتيادية. مصر تتعرض لخطر عظيم، ووقت الجد كانت وقفة «رجل» لملك كبير بحجم بلد كبير، وارتفعت أكف الشكر والرجاء لرب السماء تدعو في مصر ومواقع أخرى شكرا لعبد الله بن عبد العزيز على موقف سيؤرخ ويحفظ في القلوب قبل دفات الكتب. نسأل الله الأمن والأمان لمصر، والشكر والتحية وطول العمر لعبد الله بن عبد العزيز.