فضيحة مصلحة الضرائب الأميركية تتخذ منحى خطيرا

TT

في خطاب ألقاه في معهد «أميركان إنتربرايز»، انتقد ميتش ماكونيل إدارة أوباما لفشلها في دحض الادعاء بأن البيت الأبيض قام بالتنسيق في قضية استهداف مصلحة الضرائب الأميركية لمجموعات محافظة لأسباب سياسية.

وقال ماكونيل: «الآن لدينا إدارة تحاول جاهدة إثبات عدم تورط أي شخص من القيادات العليا في أي من هذه الأشياء، ويأملون أن لا تهتم وسائل الإعلام بهذه الفضيحة وتنساها».

وكما قال جوناثال تشيت: «يعد هذا بمثابة اعتراف من ماكونيل بأن فضيحة مصلحة الضرائب الأميركية قد انتقلت رسميا إلى مرحلة (ما بعد الحقيقة)».

ويعد خطاب ماكونيل بمثابة محاولة لإعادة صياغة المشكلة بالطريقة التي تثبت التهمة على أوباما. واعتمد ماكونيل في ذلك على عدة أساليب، من بينها الالتفاف حول عبء الإثبات.. قبل إثبات الجمهوريين بأن إدارة أوباما كانت متورطة في تلك الفضيحة.

وتشير كل الأدلة إلى عدم تورط إدارة أوباما في ذلك، ولذا فإن ماكونيل يحاول إعادة صياغة المشكلة واختزالها في أن أوباما يحاول إثبات أنه لم يتورط في الفضيحة.

ويضيف تشيت أن هذا يعد «نوعا من التراجع المبطن»، مما يشير إلى تحول فضيحة مصلحة الضرائب إلى مجرد مجاز غامض بأن المحافظين يستخدمون أعضاء آخرين للإشارة إلى بعض المعتقدات الغامضة.

وفي أماكن أخرى من الخطاب، يتحدث ماكونيل عن ذلك بصراحة، ويعترف علنا بأن هذه الفضيحة لم تعد تدور حول سلوك معين (فضيحة أم لا)، مضيفا: «بقدر خطورة تلك الفضيحة، فإن ما نتعامل معه هنا هو أكبر من الإجراءات التي تتخذها أي وكالة أو أي مجموعة من الموظفين. هذه الإدارة قد أضفت الطابع المؤسسي على تأليب العاملين على الشعب الذي يفترض أنهم يقومون بخدمته، ويجب أن يتوقف ذلك. لا أعتقد أن الرئيس قد استخدم الهاتف لكي يطلب من أي شخص أن يجعل مصلحة الضرائب تستهدف فئة معينة، ولكن الحقيقة هي أنه لم يكن بحاجة لذلك، لأن الرسالة كانت واضحة تماما».

وفي بداية هذه الفضيحة، قام البعض بالإدلاء بتصريحات تشبه تصريحات ماكونيل، حيث قال النائب الجمهوري مايك روجرز، وإن كان بكلمات أكثر دهاء: «المشكلة هنا لا تكمن في الفضائح الفردية المحدودة، ولكن في الفكرة الأوسع بوجود هذا النمط من هذا النشاط».

كانت الفكرة حينئذ هي تهيئة مناخ من الفضائح، على أمل دفع الصحافة إلى وضع كل حقيقة جديدة عن الأخبار التي تم الكشف عنها في إطار، دون أي نوع من التوازن أو رؤية حول مدى الأهمية الحقيقية لكل معلومة جديدة. أجدى هذا نفعا لفترة من الوقت، لكن اتساع نطاق فضيحة الحزب الجمهوري أدى بالفعل إلى رد فعل معادٍ من جميع الأنواع، من وسائل الإعلام، مع قيام الصحافة بمهمة جيدة ممثلة في الانتقاء من بين الأخبار المتعددة وفصل الجوانب عالية القيمة من الفضائح عن تلك ذات القيمة الأدنى. (هؤلاء الذين يتذكرون فترة التسعينات من القرن العشرين يجب أن يشد عزمهم ما قد رأيناه، على الأقل حتى الآن).

إن نشر داريل عيسى الانتقائي لسجلات، تبعها نشر ديمقراطيين في لجنة المراقبة التابع لها عيسى لأقوال شهود كاملة تقوض مزاعم عيسى، يبدو أنه قد أثار غضب الإعلام من روايات الحزب الجمهوري المبالغ فيها عن أخطاء رئاسة نيكسون. ونظرا لتلاعب عيسى، وأيضا لأن المخاوف شديدة الخطورة التي أثارتها وكالة الأمن القومي قد تدخلت، يبدو أن الصحف السياسية قد قررت أن المحققين الجمهوريين لم يتوصلوا إلى شيء من شأنه أن يربط استهداف مصلحة الضرائب بالبيت الأبيض، وأن تلك التسريبات الأولية لم تعدُ أن تكون أكثر من مجرد جهد للتلاعب.

حتى الآن على الأقل، يبدو أن وسائل الإعلام قد مضت قدما. ومن ثم، بإمكان ميتش ماكونيل الآن إسقاط كل الادعاءات والتحدث بشكل مباشر إلى القاعدة فقط باللغة التي يمكنهم فهمها.

* خدمة «واشنطن بوست»