سوء حكم القانون

TT

كان شو تشى يونغ، وهو محام للفقراء والمحرومين، يدرك جيدا أنه يخاطر بحريته من خلال تحدي الحزب الشيوعي الصيني لتحقيق الوعود الرامية إلى مكافحة الفساد وتعزيز سيادة القانون. هذه المعركة جعلت يونغ أحد أشهر المدافعين عن حقوق الإنسان في الصين، كما أدت إلى اعتقاله الآن.

في مساء السادس عشر من يوليو (تموز) الماضي، عادت زوجة يونغ، تسوى تشنغ، من العمل فلم تجد زوجها، الذي كان بالفعل تحت الإقامة الجبرية لمدة ثلاثة أشهر، كما لم تجد ضباط الشرطة الذين كانوا يقفون خارج الباب لفرض الإقامة الجبرية على الزوج. وقد جرى تفتيش المنزل، وكانت الكتب متناثرة في كل مكان، كما صودرت أجهزة الكومبيوتر، بينما لم يُمس الطعام الذي كانت قد أعدته لزوجها قبل الذهاب للعمل.

وفي منتصف الليل، أخبرا اثنان من ضباط الشرطة الزوجة بأن يونغ اعتقل للاشتباه في «حشد أشخاص لإثارة اضطرابات في مكان عام»، مع العلم بأنه لم يكن مسموحا لأي شخص، باستثناء عائلته، الاقتراب من باب المنزل على مدى أكثر من 90 يوما من وضعه تحت الإقامة الجبرية، ولذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف يمكن أن يكون قد ارتكب هذه الجريمة؟

وقد التقيت للمرة الأولى بيونغ، وهو في الأربعين من عمره الآن، مساء يوم احتفالات أعياد الميلاد قبل 12 عاما، عندما كان يدرس للحصول على الدكتوراه من كلية الحقوق بجامعة بكين. وكنت أجلس معه مع مجموعة من الأصدقاء في مقهى في حي سانليتون ببكين، وكان المكان صاخبا، وجلست معه بعيدا في زاوية هادئة وحدثني عن أحلامه بوجود حكومة دستورية، وأبحاثه عن الانتخابات على مستوى القاعدة الشعبية في القرى الصغيرة. وتحدث عن خدمة الصالح العام وخلق مجتمع أفضل، وهو الطموح الذي يتمنى تحقيقه منذ أن كان في الرابعة عشرة من عمره. وكان يونغ يتحدث والإخلاص يشع من عينيه.

كان من الصعوبة بمكان أن أتصور قدر التفاني للخدمة العامة في قلب صبي قروي، وحاول هو شخصيا تفسير ذلك عندما كتب مقالا يقول فيه: «بعد التجول في البرية والتأمل على الجداول والأراضي القاحلة المغطاة بالثلوج، توصلت أخيرا إلى فهم واضح لما سيجعل حياتي ذات معنى».

في عام 2003، انضم يونغ إلى اثنين من فقهاء القانون، وهما تنغ بياو ويو جيانغ، لتقديم التماس لمؤتمر الشعب الوطني لإلغاء إجراءات «الحجز والإعادة» المفروضة تعسفا على المهاجرين من الريف. وفي ذلك العام، انضم شخص رابع للرجال الثلاثة، وهو تشانغ تشنغشوي، وقاموا بإنشاء منظمة للمساعدة القانونية باسم «مبادرة الدستور المفتوحة».

ولم يكتفِ يونغ بالجلوس لكتابة التقارير، ولم يقدم المساعدات القانونية في قاعات المحكمة وحدها، فلكي يكتب تقرير عام 2005، أمضى شهرين في مخيم غير شرعي للفقراء المتقدمين بالتماسات والذين كانوا قد سافروا إلى بكين للاحتجاج على الظلم في المناطق التي يعيشون فيها. وتعرض يونغ للضرب خارج مكتب الرسائل والمكالمات التابع للدولة والمكتظ بالالتماسات. وساعدت استنتاجاته في وضع حد لعمليات الضرب الروتيني لمقدمي الالتماسات. وخلال محاولة للإفراج عن مقدمي الالتماسات المحتجزين في «سجون قذرة» في انتظار العودة إلى بلداتهم، قال يونغ لمن قام بالاعتداء عليه وضربه: «استمروا، ولن أرد عليكم بالضرب». وقبل عدة ليال، حلمت بصديقي وهو مكبل بالأصفاد في ممر طويل داخل السجن وهو يقول: «هذا هو المسار الذي يجب على الأمة السير فيه للوصول إلى الحرية».

* كاتب وناشط صيني

خدمة «نيويورك تايمز»