هكذا توقع فواز جرجس

TT

الدكتور فواز جرجس، أكاديمي لبناني له حضوره في الأوساط المهتمة بالشرق الأوسط في الغرب.

لديه مساهمات كتابية وإعلامية في القنوات الأجنبية أو العربية.

نشط، ومتحدث لبق، له توقعاته حول مستقبل منطقتنا، كما له مجموعة كتب تتصل بالأصولية السياسية.

منذ سقوط حكم الإخوان في مصر، والدكتور جرجس كثير الظهور على شاشات الفضائيات العربية، حتى الفضائيات المختلفة حول الحدث المصري، وعلى رأسها «العربية» و«الجزيرة».

الفكرة التي لا يتوقف الدكتور جرجس عن ترديدها هي أنه «يشرح» الموقف الغربي والأميركي، وأنهم، أي الغربيين، لديهم منطق يجب فهمه، خلاصته هي «قداسة» فكرة الديمقراطية، وأنهم يرون ما جرى في مصر انقلابا عسكريا، هذا من الناحية المثالية، ومن الناحية العملية، والحديث ما زال مع الشارح جرجس، فهي أن عزل الإخوان من الحكم، سيؤدي إلى فشل الرهان الغربي والأميركي على نجاح الإخوان في الحكم، وبالتالي إخفاق حركات الإسلام السياسي «المعتدل»، لذا فإقصاء الإخوان يعني إتاحة المجال للعنف الأصولي، والإخوان تم تجريبهم وهم في الحكم فنجحوا في الحفاظ على السلام مع إسرائيل والسيطرة على حماس، وهذا ما يهم الغرب تجاه إسرائيل.

يردد جرجس هذا الشرح، دون توقف، عند استهداف الجيش والشرطة من قبل ميليشيا الإخوان ومن والاهم، وإشهار السلاح جهارا، وخطاب الجهاد والتكفير الممزوج بخطاب الديمقراطية، في خلطة غريبة، وعصير متنافر، يشربه الغربيون بكل خفة.

لماذا أذكر هذا المثال؟

لأنه شاهد جديد، من ضمن شواهد، على أزمة النخب العربية في فهم ما يجري، وتكرار الصور الشعبوية المكررة دون فحص، سواء للمشاهد الغربي، كما هو حال جرجس، أو جمهور الإخوان في الداخل، كما هو حال كثير من المحسوبين على النخب العربية «المدنية». صامّين آذانهم ومستغشين ثيابهم فلا يرون نار الشمولية الأصولية تحت غلالة الديمقراطية المهلهلة.

نحن أمام فرصة سانحة لغربلة الرؤى التي تم تسويقها كثيرا في العقد الأخير، من قبل كثير من نجوم المشهد الإعلامي، ويجب تنشيط وظيفة النقد والفحص، في مقابل السخاء والإسراف في إنتاج الحكي دون تمحيص.

مثلا، الدكتور جرجس توقع اضمحلال جماعة «القاعدة» بفعل «الربيع العربي» وأصدر كتابا خاصا بهذا المعنى بالإنجليزية ثم ترجمه للعربية بعنوان «القاعدة: الصعود والأفول: تفكيك نظرية الحرب على الإرهاب». ترجمة: محمد شيا - بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية (2012)، مبشرا فيه بنهاية «فكر القاعدة»، بفعل ثورة الربيع العربي، وداعيا أميركا إلى إنهاء قصة الحرب العالمية مع الإرهاب، وسحب قواتها المعينة لهذا الغرض.

لكن الواقع بعد صدور الكتاب قال غير هذا، في ليبيا، وتونس، والمغرب، وسيناء مصر، وسوريا، ولبنان حتى، ناهيك عن اليمن والسعودية، وطبعا باكستان وأفغانستان. كل هذا بالاستفادة من الربيع العربي تحديدا، والانتشاء، بوصول «الإخوة» في الله للحكم!

نحن بحاجة إلى «إعادة» التفكير في أمور كثيرة من حولنا.