الكيماوي.. بين الأسد وزويل!

TT

بعد أن قام المجرم بشار الأسد بإطلاق صواريخ محملة برؤوس ملغمة بالسلاح الكيماوي الفتاك على شعبه في مناطق الغوطة بريف دمشق، وأدى إلى مذبحة مذهلة أودت بحياة ما يقارب الألفي شخص وأثارت غضب العالم بشكل كبير، يتابع العالم بمزيج من السخرية والقلق ما إذا كان للأسد سلاح «نووي» ليستخدمه أيضا على شعبه كما استخدم من قبل كل سلاح ممكن من صواريخ وقذائف وقنابل ودبابات وطائرات ومدرعات ومتفجرات بشكل وحشي وهمجي وجنوني لم تعرف البشرية من أمثاله إلا القليل، كما وقع الطغاة في السابق في ورطة وفخ الجرم الكبير بحق شعوبهم وشعورهم بالرغبة المتزايدة في التلذذ بالإبادة ولتحولهم لعبدة الدماء، حيث تجر الدماء دماء ولا يغدون قادرين على التعبير إلا بالدماء.

بشار الأسد انضم وبجدارة إلى أحقر وأسفل خانات التاريخ، خانة الزعماء السفاحين. هكذا سطر اسمه في سجلات وأرشيف التاريخ. لن يذكره التاريخ كطبيب عيون، أو كخبير معلوماتي، أو أنه يتحدث الإنجليزية كما كان يروج له الإعلام السوري لإقناع العالم بأنه جدير بوراثة حكم والده وأنه غير أبيه وسينقل سوريا إلى عالم جديد ومنفتح. بالفعل هو نقلها إلى عالم جديد من الهدم والدمار والتفتت، وعالم منفتح على الجحيم والتقسيم. سيشارك بشار الأسد هذه المكانة الخاصة مع نماذج غير مشرفة من الشخصيات المجرمة، مثل بول بوت الزعيم الكمبودي لميليشيات الخمير الحمر الذي قتل أكثر من مليوني كمبودي في سبيل البقاء في الحكم، وكذلك فعل أدولف هتلر الزعيم الألماني النازي، وجوزيف ستالين الزعيم السوفياتي، وكلاهما كان مسؤولا عن إبادة الملايين من شعبه. وكذلك أيضا على المستوى العربي هناك معمر القذافي وصدام حسين، الذي قام هو الآخر باستخدام السلاح الكيماوي بحق شعبه في مدينة حلبجة مما أدى إلى وفاة أكثر من خمسة آلاف شخص بشكل بشع.

الأسد اليوم يواجه نتاج إجرامه وما فعلته يداه. المجتمع الدولي يبدو أنه يستعد لتوجيه ضربة عقابية له، ضربة بالصواريخ إلى مواقع حساسة جدا من البنية التحتية المؤثرة والمهمة في نظامه وذلك لتأديبه عقابا على الجريمة الكيماوية. غير معروف بطبيعة الحال شكل وحجم وأبعاد الضربة الجوية هذه. لم يعد أحد يتحدث «ببراءة» النظام السوري عن ارتكاب الجريمة المروعة بحق شعبه، فاليوم حتى أعتى المدافعين عنه لا يستطيعون فعل شيء خصوصا في ظل فضح النظام لنفسه، فهو وعبر تلفزيونه الرسمي، والعالم كله ينقل بشكل صادم لقطات ومشاهد المجزرة المروعة في ريف دمشق، يختار أن يبث برامج عن الطبخ وإعداد أهم الأطباق السورية من دون أن يعلن الحزن والحداد حتى ولو كان ذلك بطريقة شكلية فقط، وكذلك أقيمت حفلات الدبكة ووزعت الحلوى وأطلقت النيران احتفالا بأخبار المذبحة في ريف دمشق، وذلك بمناطق مؤيدي و«شبيحة» الأسد، بحسب اللقطات التي صورت وسجلت وتم توزيعها بالبث على مواقع الأخبار والتواصل الاجتماعي المختلفة.

الكيمياء مثل غيرها من العلوم التي سخرها البشر أو بعضهم لترقية البشر وتوجيهها لما ينفع الناس ويطور حياتهم، فها هو أحمد زويل العالم المصري الكبير (الذي يصارع المرض هذه الأيام نسأل الله أن يمده بالصحة والشفاء) كان من النجوم الذين برعوا في مجال الكيمياء حتى نال جائزة «نوبل» في الكيمياء، بينما هناك عرب آخرون مثل بشار الأسد وصدام حسين وعلي «الكيماوي» المجيد اختاروا الكيمياء للقتل والإرهاب والتدمير. إنها المفارقة المستمرة والمعركة الأزلية بين قوى الخير وقوى الشر. بشار الأسد سرطان مستوحش لم يفعل شيئا إلا قتل شعبه وتدمير بلاده، والسرطان لا حل «نهائيا وأخيرا» له سوى العلاج الكيماوي.. وداوها بالتي كانت هي الداء.