نعم.. مختلفون حول سوريا

TT

«المزاج» المصري، في غالبه، ضد توجيه أي ضربة عسكرية لنظام بشار الأسد، خصوصا إذا كانت من جهات غربية، وبالأخص أميركا.

الحكومة، من خلال الخارجية المصرية، أعلنت رفضها لهذه الضربة، وأنها لن تشارك في التحالف العسكري ضد نظام بشار.

بقية الأصوات السياسية أخذت موقفا أكثر حدة، فلدينا مثلا حمدين صباحي، زعيم التيار الشعبي (الناصري) في مصر، ضد الضربة، المزمعة، باعتبارها هجوما «إمبرياليا» على الأمن القومي العربي، مطالبا «الأمة» بموقف حازم وسريع.

مثله النائب مصطفى بكري، وزاد أن المخطط «الشيطاني» المتكون من أميركا وإسرائيل والإخوان، يستهدف تقسيم الأمة العربية، وأن المخطط أحبط في مصر ويجري محاولة تنفيذه في سوريا.

محمود بدر، الشاب القيادي لحركة «تمرد» المصرية والمتحدث باسمها، وهي الحركة «الشرارة» لمظاهرات إسقاط الإخوان، بدعم من الجيش، انضم بدوره لهذا التيار المصري الغاضب من الضربة المزمعة لقوات ومراكز النظام الأسدي. وقال إنه يؤيد الجيش العربي السوري في مواجهة الضربة العسكرية الأميركية المرتقبة تجاه سوريا.

وغيرهم، في المشهد المصري.

كثير من هؤلاء يحاول تنبيهك، حتى لا تختلط عليك الأمور، بأنه معني بالدولة في سوريا، وليس ببشار الأسد، بل إن بعض الساسة المصريين ما زال يطرح فكرة الوساطة المصرية لحل الأزمة السورية بعد أن عجز العالم كله عن حلها بهذا الأسلوب!

الحجة المكررة في الجدليات المصرية هي أن ثمة قوى شريرة تريد إنهاء الجيش السوري، أسوة بـ«محاولة» إنهاء الجيش المصري التي لم تنجح بفضل ثورة المصريين وحزم السيسي.

هذا «المزاج» المصري يوجد نقيضه في المزاج الخليجي كله، وعلى رأسه السعودية، تجاه رؤية ما يجري في سوريا، إلا شذرات طبعا من الخليجيين المقتنعين بالطرح المصري.

المزاج الشعبي في الخليج المطالبة بسرعة إسقاط بشار ونظامه «المجرم».

ليس المجال هنا لمجادلة هذه الحجج التي يحاول المزاج المصري تقديمها تجاه الكارثة السورية، لهذا فرصة مقبلة، الغرض هو كشف مدى الهوة بين مزاجين عربيين، المصري والخليجي، تجاه المعضلة السورية.

يجب ألا يكون هذا التباين الواضح مدعاة للحروب الإعلامية. هذا مقتضى الرشد والعقل، فالمصالح المشتركة أكبر من أن تضيع بسبب هذا الاختلاف حول سوريا. من الواضح أن المزاج المصري متشبع بفكرة وجود مؤامرة غربية بأدوات عربية، تستهدف الأمن القومي العربي، وأن هذا المخطط «الشيطاني» على حلقات منها الحلقة المصرية والسورية.

شخصيا، أعتقد أن هذا كلام لا خطام له، ولا برهان عليه، ينتمي لعالم الوجدان أكثر من عالم الواقع. سنتوقف عند مناقشة هذا المنطق لاحقا، لكن ليس هذا هو المهم، بل تأسيس إطار يمكن فيه «التعايش» بين الخطابين، الخليجي والمصري، تجاه الأزمة السورية، وعدم تحويل هذا «الاختلاف» إلى مادة للشقاق، والتراشق. الأمر لا يحتمل مثل هذا.

وكما قال الشاعر بركات الشريف، من شعراء الحكمة بالجزيرة العربية:

عندك حكا فيني وعندي حكا فيك