يجب على الولايات المتحدة التحرك ضد الأسد

TT

التاريخ يقول لا تفعل. وغالبية الأميركيين يقولون ذلك أيضا. لكن على الرئيس أوباما أن يعاقب نظام الدكتاتور السوري القاتل بشار الأسد بضربة عسكرية، ويؤمل أن يكون التاريخ والشعب مخطئين.

إذا كان صحيحا أن النظام قتل المئات من المدنيين بغاز الأعصاب في إحدى ضواحي دمشق الأسبوع الماضي - قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري يوم الاثنين إن استخدام الأسلحة الكيماوية أمر لا يقبل الشك - فحينئذ لم يعد أوباما يملك خيارا؛ فمثل هذا الاستخدام لا يمكن التهاون فيه، وأي حكومة أو مجموعة تستخدم الأسلحة الكيماوية، ينبغي أن تواجه عواقب وخيمة حقيقية. ينبغي على أوباما التزام هذا المبدأ بتدمير الجزء الذي يحتوي على صواريخ كروز في ترسانة الأسد.

أقول هذا رغم اعتقادي أن أوباما صائب في حفاظه على الولايات المتحدة بمنأى من الحرب الأهلية السورية. فليس من السهل مشاهدة هذه المعاناة والدمار (أكثر من 100 ألف قتيل وملايين المشردين، والمدن التي تحولت إلى ركام) والوقوف مكتوفي الأيدي. أعتقد أننا مضطرون الآن لتوجيه ضربة للأسد. ولكن ماذا بعد ذلك؟

كل من يقول ينبغي علينا أن «ندعم الثوار»، فهو بذلك يتمنى أمنية لا يضع خطة. كيف ندعمهم؟ الوسيلة الوحيدة الأكيدة هي تغيير النظام - على غرار غزو العراق - لكن هذا أمر غير وارد. ربما يمكننا تزويد الجماعات المعتدلة من الثوار بالأسلحة الثقيلة، القادرة على إصابة طائرات الأسد أو تدمير دباباته. لكن هذه الأسلحة قد تصل إلى أيدي الفصائل الإسلامية المتشددة المعادية للغرب التي يتوقع أن تسود في مرحلة ما بعد الأسد.

ماذا عن فرض منطقة حظر الطيران؟ بعض الناس يتحدثون عن هذا الخيار كما لو كان أمرا عابرا، ولكن الحقيقة أنها ستكون مهمة كبرى. ففي البداية ينبغي تدمير الدفاعات الجوية السورية، الضخمة والكبيرة. كما ينبغي أن تقوم الطائرات الأميركية أو الحليفة بحراسة المنطقة. وإذا استمر الأسد في السلطة، فستكون هناك ضغوط من أجل مزيد من التدخل الأميركي.

كان الاستطلاع الذي أجرته وكالتا «رويترز» و«إيبسوس» يوم الأحد الماضي قد كشف عن أن نحو 60 في المائة من الأميركيين يرون ضرورة بقاء الولايات المتحدة بمنأى عن الحرب الأهلية في سوريا؛ فيما أيد 9 في المائة فقط التدخل. ووجد الاستطلاع أنه في حال ثبت استخدام الأسد الأسلحة الكيماوية، ارتفع دعم التدخل الأميركي إلى 25 في المائة. لكن 46 في المائة ممن شملهم الاستطلاع - عدد كبير - قالوا إنه حتى في وجود مثل هذه الأدلة، لا ينبغي على الولايات المتحدة التحرك.

بالنظر إلى التاريخ الحديث، ينبغي ألا تشكل حالة القلق هذه لدى الأميركيين مفاجأة. فقد جاء أوباما إلى السلطة واعدا بإنهاء الحروب الطويلة والمكلفة في العراق وأفغانستان. وهناك سبب وجيه للخوف من أن تكون سوريا أكثر المنحدرات خطورة، وللاعتقاد أن السبيل الوحيدة لتجنب الانزلاق في هذه الحرب الفوضوية والوحشية هو النأي عنها.

على الرغم من كل هذا، خلصت - لسوء الحظ - أنه ينبغي على أوباما التحرك.

كان الرئيس محقا في جعل استخدام الأسلحة الكيماوية «خطا أحمر» يجب على الأسد ألا يتخطاه. والتمسك بمبدأ عدم استخدام هذه الأسلحة على الإطلاق من الأهمية بمكان لا تترك لأوباما، من وجهة نظري، أي خيار.

لكن هل العدد القليل نسبيا من الوفيات الناجمة عن غاز الأعصاب، يختلف كثيرا عن الوفيات الكثيرة الناجمة عن الرصاص والصواريخ والقنابل؟ نعم، وأعتقد أنها هي.

هناك إجماع دولي على أن الأسلحة الكيماوية، بسبب قدرتها على الإبادة الجماعية، محرمة؛ وأي حكومة تستخدمها ستفقد كل الشرعية. وإذا ما سمح لمقامر طاغية الفرار باستخدامه الغاز مع خصومه، ستزداد جرأة غيره من المتوحشين - فئة كبيرة العدد - على أن يحذو حذوه.

هذا هو الحال بالنسبة لأي شخص يقع عليه عبء دور شرطي العالم. ونظرا لتحالف روسيا مع نظام الأسد وسياسة الصين الطويلة من اللامبالاة، لا يتوقع أن يفعل مجلس الأمن الدولي شيئا. وربما تأخذ فرنسا وبريطانيا زمام المبادرة، كما حدث في ليبيا، ولكن مرة أخرى ينبغي توفير القوة العسكرية الضرورية والتنسيق من قبل الولايات المتحدة.

أشعر بالقلق عندما تؤكد «مصادر استخباراتية غربية» استخدام أسلحة الدمار الشامل في مناطق بعيدة، كما هو الحال في العراق. ربما يصل محققو الأمم المتحدة إلى الموقع في وقت متأخر للغاية للوصول إلى يقين نهائي، نظرا لأن الأدلة تطمس بسرعة. لكن الصور وشهادات شهود العيان واضحة، كما أن الأسد كان يمتلك الدافع لذلك وهو الرد على الهجوم الذي شنه الثوار هذا الشهر على موكبه.

وسيكون من الصعب تصميم هجوم صاروخي يلحق الأذى بالأسد من دون أن يجذب الولايات المتحدة إلى الحرب. ولكن هذا هو الخيط الرفيع الذي يجب على أوباما السير عليه الآن.

* خدمة «واشنطن بوست»